Translate

الثلاثاء، 11 مارس 2014

حصرى وخاص .......(علم الأبعاد)



علم الأبعاد

المقدمة:


إن جزأً من جمال علم الماكروبيوتيك يتكون في سهولة إيصال شرح الحقيقة لشريحة واسعة من الجنس البشري بشتى مفاهيمهم وأفكارهم . إن الماكروبوتيك يحثك بطريقته الكونية والغير محدودة على توحيد الماضي مع الحاضر, الروحي مع العلمي من عالمنا الشرقي والغربي, وليحثنا على تفهم تحديات الجهة اليسرى من عقلنا البشري والذي هو طاقة إستيعابية تحليلية ومنطقيه صرف للعمل بإنسجام وتناغم تام مع الجهة اليمنى من عقلنا البشري والذي هو طاقة إستيعابية واعية للمفاهيم الحدسية للماورائيات بمرونة ومقدرة فكرية وعملية عالية لمجرى الأمور الكونية في ظل هذه الموجة الجامحة من التكنولوجية الحديثة المتقدمة وانعكاساتها السلبية علينا وعلى حياتنا ككل من الناحية الصحية والبيئية والسلمية.

في هذا الكتاب, سوف نشرح تنوع مذهل من هذه المواضيع المطروحة, بما فيه الصحون الطائرة والعالم الخارجي, الطب الشرقي, التحول الكيميائي, الأرواح, التقمص, النبوءات والتوقعات – وأسئلة ذو طابع روحي من عالم الماورائيات – على ضوء المتغيرات اللامتناهية للتكوين الماكروبيوتيكي.
الطرح في هذا الكتاب سوف يطال ويتحدى آخر ما وصل اليه العلم الحديث. لذلك سوف نحثكم لمقاربة كافة المواضيع بروحية لا عقائدية, محتفظين بحقكم بعدم القبول أو الإعتقاد بأي شىء قبل الرجوع لأفكاركم وإستنتجاتكم المرتكزة على حدسكم الداخلي وخبراتكم الحياتية والشخصية.

علماً, أن كل هذه العناوين المطروحة في هذا الكتاب جزء لا يتجزء من إهتماماتنا المعاصرة والتي كانت وقد وردت قديماً في كتب مثل التوراة, الفيداس, كوجيكي, وغيرهم من الكتب القديمة المتعددة والتي سوف نذكر بعضها لاحقاً في الفصل الأول فيما يتعلق بالصحون الطائرة والعالم الخارجي.

وهناك أيضاً موضوع الطب القديم للطب الصيني, الهندي, الياباني, والإغريقي المرتكز على مفاهيم نظام الطاقة للعلاج, كتقنية الوخز بالأبر, التدليك, والعلاج بالأعشاب لإعادة توازن الطاقة طبيعياً الى الجسم. كما وأنهم سبق وطبقوا طرق غذائية سليمة ومتوازنة في تحقيق أهدافهم الصحية. إن كل هذه المقاربات العلمية مذكورة في الفصل الثاني من هذا الكتاب بالمفهوم الماكروبيوتيكي كطاقة "الين" "واليانغ" أو طاقة "الأرض "والسماء."  

وهناك أيضاً التحول الكيميائي, والذي نطرحه في الفصل الثالث من هذا الكتاب والذي له أصوله الكونية المؤثرة على حياتنا هذه في ظل التعاليم الروحية والفلسفية القديمة التي مورست على نطاق واسع في العهود القديمة والتي وضعت حجر الأساس لتطور علم الفيزياء والكيمياء الحديث في عالمنا المعاصر هذا.
لقد تم إحياء هذا العلم القديم في القرن العشرون على يد العالم جورج أوشاوا ومعاونيه, وفي هذا الفصل المخصص له سنطرح تداعيات هذا الموضوع وتأثيراته المستقبلية على كوننا ككل.

كما وأن هناك أيضاً موضوع الحياة والموت, التقمص والعالم الروحي الذي هو أمر عادي شارك وساهم فيه الكثير من البشر, وعبروا عنه تقليدياً في كل الأزمنة من عالمنا الروحي والفلسفي, مثل المفهوم القديم - الجديد لحبة الحنطة الكاملة وأكل الخضار في تطوير وعينا الروحي والبشري.
كل هذه الأمور مطروحة في الفصل الرابع من هذا الكتاب والذي يتكلم عن علم الطواف في العالم المادي والروحي.

من خلال هذه العصور العابرة, إستطاع ألأنبياء كإسياه, نوستراداموس, توينبي وإدغار كايسي من التوقع لعالمنا هذا أن يتحول من حضارة مادية الى حضارة روحية, عملاً بمفاهيم سوف تغير طبيعة دورة نظام الوعي الكوني الذي يتحكم بالوقائع الإنسانية. هذه الوقائع مطروحة كتوقعات ضمن الفصل الأخير  من هذا الكتاب.

مع كل هذا التقدم والتطور العلمي والتكنولوجي الذي جرى مؤخراً في السنوات القليلة الماضية, كثير من الأسئلة الأساسية لعالمنا هذا بقيت بدون جواب. أسئلة مثل لماذا خلقنا بخمس أصابع في اليد أو القدم الواحد؟ لماذا يوجد هناك محيط في القطب الشمالي وقارة في القطب الجنوبي؟ لماذا هناك عدد ضئيل من الأزهار الخضراء؟ ما هي الذاكرة وأين تكمن بالضبط؟ وكثير من الأسئلة بحاجه الى أجوبه شافية.

يسرنا أن تستطيعوا من خلال هذا الكتاب أن تتكون لديكم رؤية جديدة وتفكير جديد لكثير من الأمور الحياتية والأساسية الغامضة, للوصول الى صحة وبيئة وسلام عالمي – مع تحريك أحاسيسكم بالنسبة الى كل ما هو غريب ورائع في هذا الكون العظيم الذي يمثل الإنسان الجزء الأصغر منه.

أن هذه اليقظة في الوعي سوف تكون السبب الأساسي والمباشر ليقظة آخرى في الحمية والصحة العامة, والذي تقدم فيه علم الماكروبيوتيك هذا بخلال الثلاثين السنة الماضية تقدماً مهماً.


1



زيارات من العالم الخارجي



كعالم في هذا المجال, يجب أن أكون متنبهاً لدروس الماضي. كما وسبق أن تم التغاضي في الماضي عن بعض الأمور العلمية المهمة, لأنها ببساطة لم تنل قبول بعض العلماء الذين لا يتداولون إلا بالنظرة الحديثة للأمور العلمية.

في قديم الزمان, كان هناك شاباً من أميركا قرر السفر حول العالم. وفيما هو مسافر بحراً, توقف في مدينة إسطنبول التركية حيث وقع بغرام أميرة شابة وجميلة. أراد هذا الشاب الزواج منها, ولكن لسؤ الحظ, قوبل طلبه برفض قاطع من والدي الأميرة. ففي اليوم الذي قرر الشاب مغادرة إسطنبول,  قامت الأميرة بأخذ حبيبها الى غرفة المجوهرات الكائنة في قصر أبيها وطلبت منه أن يختار هديته بنفسه. فنظر الشاب الى كل هذا الذهب وهذه المجوهرات ولكنه في النهاية قرر أن يختار خريطة قديمة كان قد وجدها في إحدى الصناديق المليئة بالمجوهرات. فاكفهر وجه الأميرة الشابة وقالت له, أرجو أن تختار شيئاً آخراً, فهذه الوثيقة القديمة قد تجلب لك سوء الطالع. فأصر الشاب على طلبه هذا فكان له ما أراد. وفي عام 1952 أعيد العثور على هذه الخريطة مع بحار يعمل على ظهر سفينة, فتم إرسالها الى فريق من المؤرخين للكشف عن فحواها. فبعد أن تم تفحصها تبين إنها خريطة تعود الى الأميرال التركي بيري ريس عام 1513 حيث ورد فيها كتابات باللغة اللاتنية والتركية, وأنها تابعة لمجموعة خرائط يعود عهدها الى 2000 سنة عبر التاريخ, تظهر فيها الأميركياتين "الشمالية والجنوبية" – أفريقيا – وأنتاركتيكا. وما كانت شدة ذهولهم عندما تبين أن القطب الجنوبي مبين بكل خلجانه وجباله بطريقة دقيقة, علماً أن هذه المنطقة من العالم مغطاة بالثلج على مدار السنة. علماً, أنه لم يتم تحديد وترسيم كل هذه التفاصيل من قبل علماء الخرائط والطوبوغرافيين إلا في العصور الحديثة من عالمنا هذا.
والأغرب من هذا, أن هذه الخريطة تظهر النصف الجنوبي من الكرة الأرضية على أنه أكبر بقليل من النصف الشمالي للكرة الأرضية, وكأن التحديد والمسح كان وقد تم عن بعد ومن الفضاء على نفس النحو الذي يتم فيه حالياً, أم بواسطة الأقمار الإصطناعية أو الطائرات. فكيف إستطاع هؤلاء القدماء تحديد كل هذه التفاصيل بالدقة والتفاصيل ذاتها لعصرنا هذا, يبقى سؤالاً غامضاً بالنسبة إلينا وبدون جواب.

قبل الحرب العالمية الثانية ببضعة سنوات, قامت بعثة من العلماء والباحثين بالذهاب الى منطقة ياكاتان في مهمة إستكشافية لأثار قبيلة المايان. وفيما كانوا بالقرب من قرية بالينك, تم إكتشاف معبد قديم مغطى بالأعشاب والأشجار. وبعد أن قاموا بتنظيف المكان, تم إكتشاف المدخل الأساسي لحرم المعبد من خلال صخرة كبيرة تم إزاحتها. وفي الداخل, تم العثور على منحوتة موضوعة فوق قبر صخري لمجسم غريب معقد يشبه مركبة ما, وفي داخلها رجل هندي, ومن حولها ينبعث الدخان وأشكال تشبه النجوم بتكاوينها. لم يعرف في حينه ما قد رمز إليه هذا المجسم الغريب, ولكن بعد عشرات من السنين , باشر الإنسان المعاصر بإطلاق مركباته الفضائية الى الفضاء, فكانت تلك النظرية التي تقول أن الهنود القدماء كانوا على علم ومعرفة بوجود هكذا مركبات فضائية في تلك الأيام العابرة.

ولقد تم أيضاً العثور على عدة أدلة حول العالم تثبت أن القدماء كانوا قد شهدوا عدة مشاهدات لمركبات فضائية على الأقل من قبل مخلوقات أكثر تطوراً وأكثر تقدماً كانوا قد أتوا على دفعات من العالم الخارجي لزيارة كوكب الأرض.


عجلات من النار

مع كل هذه الأدلة والرموز المدونة - المرسومة – المنقوشة - أو المنحوتة, هنالك بعض القصص المثيرة للإهتمام في بعض الكتب القديمة والوثائق التاريخية. ففي وادي نهر دجلة والفرات والذي يسمى حالياً "بالعراق," إنبثقت الثقافة السامرية والتي يعتبرها المؤرخون مهد الحضارة ألإنسانية جمعاء. فالسامرية أقدم مجتمع حضاري في النصف الغربي من الكرة الأرضية. إنها أقدم من الحضارة المصرية والصينية معاً. هناك بعض النقوش والمجسمات الطينية والصخرية للتاريخ السامري القديم تظهر فيه سيناريوهات للألهة وهي طائرة في السماء, كما أيضاً تظهر عملية هبوطها من السماء لتثقيفهم وتعليمهم طرق جديدة للحياة على الأرض بالوصف الحرفي للمعنى.

هنالك أيضاً كتابات ميثولوجية آخرى قديمة تنص على مشاهدات مشابهة لتلك الموجودة والموثقة حول العالم. كالهنود والصينيون والمايان والمصريون يتحدثون عن مشاهدات غريبة لمركبات فضائية. وكما أن هناك كتاب سنسيكريتي قديم معروف بأسم "درونا برافا" يصف الألهة بالطيار لمركبة جوية تعرف بفيماناس.  وهناك أيضاً عدد من الفقرات في كتاب التوراة, في الفصل السادس من سفر التكوين يمكننا تفسيره على أن هناك مشاهدات خارجية حصلت في وقت من الأوقات, ووردت كالآتي:

"وأتت لتمر, عندما إبتدأ الرجال بالتكاثر على وجه الأرض, والبنات ولدوا منهم,  حين رأى أبناء الله بنات الرجال أنهم جميلات, إتخذوا منهم زوجات لهم... كان هنالك عمالقة على الأرض في تلك الأيام, وأيضاً بعد ذلك, عندما أتى أبناء الله عند بنات الرجال, وحملن أطفالهم, وأصبحوا رجالاً أشداء وبارزين."

فمن الممكن أن كائنات غريبة من العالم الآخر قد قامت بزيارة الأرض واختلطت مع الجنس البشري, وتركوا لهم أجيالاً موجودين بيننا لليوم هذا. وهناك أيضاً  فقرة آخرى في كتاب التوراة مأخوذة من العهد القديم الذي يحمل أسم النبي قزحيا, وهو كاهن يهودي كان مأسوراً في إحدى المستعمرات في بابل, يصف فيها بدقة مشاهدته لمركبات فضائية أتت من العالم الخارجي:

"والآن أتت لتمر... كما أني كنت من أحد المأسورين على ضفاف نهر شيبار, إنفتحت لي الجنة ورأيت رؤية لله... نظرت وشاهدت زوبعة آتية من الشمال, وغيوم كثيفة, ونار تلتف على نفسها, وشعاع من حولها, ومن وسطها كان هناك لون يشبه لون العنبر يظهر من وسط كل هذا النار.
ومن وسط كل هذا, خرج شىء يشبه أربعة مخلوقات حية. وهذا ما بدوا عليه: يتشابهون مع الرجال. وكل واحد منهم له أربعة وجوه وأربعة أجنحة. وأقدامهم كانت مستقيمة, وكعاب أقدامهم تشبه حوافر العجول, وإنبثق منهم لمعان مثل لمعان النحاس المصقول...
والأن, كما أنني شاهدت الكائنات الحية, مشاهداً عجلةً واحدةً على الأرض لهؤلاء المخلوقات الحية ذو الأربعة وجوه. حيث أن شكل العجلات وطريقتها مثل لون الأحجار الكريمة الخضراء. وكانوا الأربعة يشبهون بعضهم البعض. كما أن هذه العجلات كانت واحدة داخل الآخرى. وعندما رحلوا, رحلوا بأطرافهم الأربعة, ولم يلتفتوا. وبالنسبة الى العجلات, كانت مرتفعة لدرجة مروعة, وكان للعجلات الأربعة عيون كثيرة من حولها. وعندما ذهبت هذه المخلوقات ذهبت عجلاتها معها. وعندما إرتفعت هذه المخلوقات عن الأرض أرتفعت عجلاتها معها."

من المرجح أنه تم إستخدام هذه المركبات الطائرة بواسطة الطاقة الكهرومغناطيسية كمصدر أساسي للطاقة. لقد وصف قزحيا المركبة وكأنها تتحرك بواسطة قوة خفية أو روحية:

وحيثما كانت تشاء الروح الذهاب, ذهبوا... وعندما كانوا يذهبون, كنت أسمع أصوات جوانحهم التي تشبه هدير المياه العظيمة, مثل صوت الله الجبار, صوت خطاب صاحب العلاقة. وعندما وقفوا, هبطت أجنحتهم الى الأسفل.

عصر الألهة


إن بعض الوثائق القديمة الموجودة في اليابان تكشف حقائق مذهلة عن المركبات الفضائية التي آتت من العالم الخارجي وعن زيارات الألهة لنا من الفضاء السماوي. هناك وثيقتين تاريخيتين معروفتين: الكوجيكي, أو "سجلات الوقائع القديمة." يقال إنه تأريخ لبدايات العهد الياباني القديم, والوثيقة التاريخية الآخرى إسمها "نيهون شوكي." "نيهون" هو الأسم الياباني الأصلي لليابان, وتتألف هذه الكلمة من معنين "الشمس" و "الأصل" – بكلمات آخرى, اليابان هي في الأصل "بلد الشمس." بعض الناس فسروا هذا على أن اليابان كانت وقد إكتشفت من قبل بشر كانوا قد هبطوا من الشمس.
تتحدث هذين الوثيقتين عن تاريخ متشابه يصف اليابان على إنه كان البداية لعصر الألهة, عندما كان هناك رجالاً ونساءً تشبه الله نزلوا من مكان يدعى تكاما, أو المكان السماوي الأعلى. وبعد أن رأت الألهة أن الأرض أصبحت مهيأة, نزلوا الى جبل تكاشيهو, ومن هناك إنتشروا واستقروا في جميع أصقاع الأرض.
إن وصف هذين الوثيقين لعصر الألهة على إنها البداية التاريخية للسلالة البشرية الحالية. إبتدأً بالأمبرطور جينمو, حسب كلتا القصتين, عندما جمع جينمو شعبه وقال لهم أن سبب نزولنا الى هذه الأرض هو لزرع السلام في هذا العالم. لقد آتى أجدادنا الى هنا منذ ألاف السنين وحتى الأن لم نستطع تحقيق هذه المهمة. وقال أيضاً, لقد سمعت من رجل ذو حكمة واسعة انه في قديم الزمان كان هنالك ألهة أسمه نين هاياشي نزل الى جبل كوشي فوتاكي. إنه مكان جميل, فلنذهب الى هناك للإلتحاق بسلالته.
حسب الأسطورة, رحل جينمو وأتباعه للإلتحاق بسلالة نين هاياشي الذي  كان يدعى بوقتها كوشي نين هاياشي. وعندما وصلوا الى هناك, إستطاع هذين الشعبين إدراك تحدرهم وإنتمائهم الآوحد لهذا المكان السماوي الذي أتوا منه سابقاً, فأنشأوا سوياً بلداً جديداً وهو ما يسمى بنيهون أو اليابان.
وهناك منطقة تقع على بحر اليابان إسمها الحالي إزومو, ويوجد فيها مقام يعود الى التاريخ القديم. ففي داخل هذا المقام هناك مقام آخر كُرس للكاما وهو وعاء خشبي قديم يستعمل لطبخ الأرز. فحسب الأسطورة, كان هنالك رجلاً هبط بمركبة ما من السماء. فقاموا ببناء هذا المقام الذي يشبه وعاء الأرز القديم تخليداً لذكرى تعاليمه ليتشابه بالشكل والتصميم مع هذه المركبة الطائرة التي هبط فيها الى الأرض.

وفي مجموعة ثانية من الوثائق المعروفة نكوغو شوري, أو المجموعة القديمة للكلمات, هنالك تقدير من الألهة الآتية من كواكب آخرى على أنها أول من إستقدم حبة الأرز الى الأرض, حيث أن هذه النبتة كانت تزرع في كواكب سماوية آخرى وجيء بها الى الأرض لضمان الصحة والسلام والإزدهار للبشر.
فعند الأميركيين الأصليين الأسطورة ذاتها بالنسبة الى حبة الذرة. كما أن الأغريقيين أعتقدوا أيضاً أن الحضارات البشرية أبتدأت عندما بدأو إستعمال حبة الحنطة. حسب الأسطورة الإغريقية, أن كان هناك ألهة أسمها ديميتر ( سماها الرومان سيرز) قامت بمنح أول حبة قمح لكاهن عندها إسمه تريبولماس, وأمرته ليطير حول العالم بعربته الآسطورية ليوزع هذه النعم الطبيعية والحضارية على البشر أجمع.
 كما وأن هناك أساطير يابانية آخرى تعترف بفضل الألهة الآتية من العالم الخارجي بمنحنا المزيد من العلوم والتقدم, كالرزنامة الشمسية والقمرية, وعلوم الطب الطيبعي, تقنية البناء الهرمي, والعلوم الكونية القائمة على تفاعل طاقتين كونيتين متجانستين ومتكاملتين في خلق حياة لامتناهية في هذا الوجود الأكبر.

وهناك وثائق يابانية آخرى إسمها تاكويتشي تحتوي على خرائط تشبه تلك التي وجدت في قصر توبكابي. وإحدى هذه الخرائط يعتقد أنها رسمت منذ أكثر من 12,000 سنة. وهذه الخرائط القديمة تظهر القارة الشمالية والجنوبية من أميركا, غرينلاند, أفريقيا, أوستراليا, وأوراسيا. ولكل قارة كان لها إسم مكتوب باللغة القديمة. مثلاً أميركا الشمالية سميت في ذلك الوقت بإبريسو-هيناتا, والتي تعني البلد الذي يتلقى الشمس. وأميركا الجنوبية كان أسمها إبيريسو-هيوكيو, أو البلد الذي تشع عليه الشمس جيداً. والمثير للجدل هو وجود قاراتان كبيراتان في منتصف المحيط الباسيفيكي, واحدة موجودة في الشمال وأسمها مييوي, وأخرى في الجنوب وأسمها تاميارا, وهما ما عرفتا بالقارتين المفقودتين "المو," حسب الباحث البريطاني جيمس شيرشورد, كانت تحتوي على حضارات متقدمة قبل أن تختفي قبل فجر التاريخ المؤرخ. والمذهل أيضاً أن وجود هذه البقع من الأراضي في المنطقة الممتدة بين شمال وجنوب أميركا والتى تدعى الأن ألجزر الكاريبية توازي القارة المفقودة أتلانتس.

وحسب وثائق إزوهارا, أن هناك خريطة ثانية رسمت بأكثر من ستة ألاف سنة بعد الخريطة الأولى. وفي هذه الخريطة الأحدث يتبين منها على أن هذه القارات الباسيفيكية مفقودة, كما أن الجزر الكريبية هذه كانت أيضاً مفقودة. وكتب مكانها كلمات باللغة القديمة بما يشير الى أن هذه الأرض قد غرقت. وفي الكتابات المرافقة للخرائط هذه حديث عن حضارة قديمة كانت قد إنتشرت في تلك القارة, كالإتصالات والتنقلات العالمية كأمور عادية بالنسبة اليهم في ذلك الزمان, مثل التنقل بواسطة المركبات الطائرة, والتواصل مع زائرين من الفضاء الخارجي.


إهرامات وحجارة دائرية


 عشرة أميال غرب مدينة القاهرة تنتصب إهرامات مصر العظيمة على مساحة 13 أكر في منطقة الجيزة الصخرية والمؤلفة من 2.3 مليون مكعب من الحجارة, قدرت كل واحدة منها بزنة 2.5 طن. في عهد الأمبراطورية الرابعة شيد الهرم الكبير والهرمين الأصغر حجماً المجاورة له, أي ما بين سنة 2494 - 2613 قبل الميلاد. لقرون مضت, والإعتقاد ساري على أنه هناك معانٍ أكبر لوجود هكذا إهرامات, وأنها ليست مجرد مكان لدفن الأباطرة الفراعنة وحسب, بل أنه لغز قديم وهو جزء من سلسلة كونية من الأسرار تتشابه وتتطابق معها الكثير من المعطيات.

كما أن في اليابان هناك بعض الغموض أيضاً حول حجارة وصخور وضعت منذ ألاف السين. مثل حجارة الميغاليث المعلقة, هذه الحجارة العملاقة التي نقلت عبر مسافات بعيدة الى هناك. وما زال الغموض يلف سبب نقلها ووضعها في تلك المواقع تحديداً, علماً أن الكثير منها تحمل نقوش ورسومات قديمة عليها لنجوم وكواكب وأشكال لولبية.
هنالك أيضاً مجموعة غامضة من هذه الحجارة موجودة في الجزء الشمالي من هونشو وهي الجزيرة الرئيسية في اليابان, على سطح جبل بركاني بالقرب من بحيرة جميلة. يوجد هناك حجرين, واحد موضوع على الأرض بشكل مسطح, والثاني بشكل عامودي, وهما يتناسبان بدقة مع خطوط الطول والعرض للكرة الأرضية.
يقول السكان المحليون لتلك المنطقة أن هذا الجبل له قوة غامضة ومشابهة لجبل شاستا الذي يقع في ولاية كاليفورنيا. ويقال أيضاً أن كل من يتسلق هذا الجبل, فإذا كان من ذو العقول الشريرة فسوف يصاب بإعتلال ما, أما إذا كان من ذو العقول الخيرة فسيزداد طاقة ووعي. وفي القرون القليلة الماضية وردت تقارير عن أنوار غريبة ومجسمات طائرة شوهدت عل مقربة من هذا الجبل. لهذا سمي هذا الجبل من قبل المحليين "الجبل الساحر" أو "جبل الألهة."
وعند النظر الى هذا الجبل من بعد, ترى أن شكله الهندسي متوازٍ ويشبه الأهرام الى حدٍ كبير, وتقول الأساطير على أنه كان إهراماً في يوم من الأيام ولكن إنفجاراً بركانياً كان قد حصل في داخله حيث تطايرت منه حمم وصخور بركانية وغطته ليصبح جبلاً بركانياً يشبه بركان فوجي الجبلي.
وقد عثر على مواقع مشابه في هوكايدو, الجزيرة الأكثر شمالاً في اليابان, وفي الجزيرة الجنوبية كيوشو. فإذا رسمنا خط مستقيم بالإتجاه الغربي لموقع كيوشو, فإنه سيمر حتماً في صحراء قاحلة في جنوب الصين حيث نجد هرم أكبر وأقدم من الأهرامات الكبيرة. وإذا أستمرينا أيضاً بخط مستقيم بالإتجاه الغربي نصل مباشرةً الى إهرامات مصر الشهيرة. فهل من الممكن أن كل هذه الأهرامات والحجارة الدائرية والعلامات الأثرية الآخرى أن تكون جزء من تخطيط مساحي للكرة الأرضية؟ وإذا كان هذا صحيحاً, كيف إستطاع هذا الإنسان القديم من تنفيذ وتنظيم هكذا مخطط لمسح سطح الكرة الأرضية بهذه الدقة وهذه الشمولية؟


الصحون الطائرة


منذ عدة سنوات, ذهبت برفقة زوجتي إيفلين الى فنزويلا لإلقاء محاضرة عن  علم الماكروبيوتيك. وإثناء وجودنا في مطار كاراكاس ننتظر رحلتنا التي ستقلنا الى بوسطن, تم الإعلان عبر المكبرات الصوتية عن جسمين مجهولين طائرين تم رصدهما على أجهزة الرادار, وكانا يحومان فوق المطار على إرتفاع منخفض مما إستدعى الطلب من جميع المسافرين الإنتظار قليل. وبعد بضعة دقائق, أعلن ثانيةً على أن هذين الجسمين غادرا المجال الجوي بسرعة خاطفة ولم يعد لهما أي أثرٌ على أجهزة الرادار.
لقد ورد عدد من التقارير لوجود أجسام طائرة غريبة عبر التاريخ. ففي عام 329 قبل المسيح, رصد جيش الإسكندر الكبير وجود بضع مركبات فضائية تراقبهم وتلاحقهم من مكان الى أخر.
وفي القرن الخامس عشر بعد المسيح, شوهد عدة صحون طائرة في سماء نورمبيرغ, المانيا وبازل, سويسرا. وفي عام 1881 عندما كان الملك الإنكليزي جورج الخامس شاباً رأى مركبة فضائية فوق منطقة ساحلية أوسترالية. كما أن هذه المشاهدات استمرت خلال مطلع القرن العشرين, وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية.
أما عصر المشاهدات الحديثة فلقد إبتدأ مع الطيار الهاوي كين أرنولد في 24 حزيران,1947, عندما كان يقود طائرته الخاصة فوق سلسلة جبال في ولاية واشنطن, شاهد مجموعة من المركبات الفضائية التي تشبه الصحون تطير بسرعة لا تقل عن 1350 ميلاً بالساعة. أي أسرع من أي طائرة كانت تصنع في ذلك الزمان.
ومنذ ذلك الوقت, حصلت عدة مشاهدات لصحون طائرة كانت تأتي على دفعات متفاوتة بين فترة وآخرى. ففي عام 1952 تم مشاهدة عدد كبير من الصحون الطائرة, وقدرت بأكثر من 1500 بلاغ في أميركا الشمالية وحدها. أكثر المشاهدات شوهدت من قبل السكان المحليين, أما الباقي فقد شوهد من قبل طيارين في الجو, حيث تمكنوا من رصد عدد منهم على أجهزة الرادار. كما أن أخبار مشاهدات الصحون الطائرة إستمرت مع حصول عدة بلاغات عن حصول مشاهدات لمخلوقات غريبة, مع حصول عمليات إحتجاز لبعض البشر من قبل هؤلاء الزوار الغرباء.
لقد أثارت هذه  التقارير الواردة شكوكاً وجدلاً علمياً كبيراً. ففي عام 1940, أطلقت حكومة الولايات التحدة الأميركية من خلال قواتها الجوية تحقيقاً رسمياً عن كل هذه المشاهدات وأسمته مشروع الكتاب الأزرق. وقاموا باختيار البروفسور ج. ألان هينيك لتقييم هذه التقارير الواردة بطريقة علمية, وهو بروفسور في علم الفلك في جامعة أوهايو الأميركية.
وكان البروفسور هيتيك مثل كل العلماء أنذاك له شكوكه القوية, ولكن بعد التحقق من هذه التقارير وعلى مدى عشرين عاماً, أخذ رأيه يتغير شيأً فشيأً. ففي عام 1966, وأمام لجنة خاصة من أعضاء الكونغرس الأميركي كانت عينتهم الحكومة لتتبع هذه المشاهدات, قال البروفسور هينيك انه بالرغم من سياستكم المبنية على التعامل مع هذه المواضيع على أنها أخطاء إنسانية أو نوعاً من أنواع الهلوسة العقلية, فإن هذه الأقلية القليلة من الناس تتحدى كل قناعاتنا ومفاهيمنا العلمية لهكذا أمور غريبة. وبعد عدة سنوات, قال هينيك أمام لجنة من الكونغرس أن سبب تغيير رأيه ودعوته للدخول في مزيد من التحقيقات الدقيقة سببه هذا الإرتفاع المستمر حول العالم في ورود تقارير من قبل الكثيرين الذين يتمتعون بقدرة عقلية عالية لا ريب ولا شك فيها عن تدخلات فضائية خارجية غريبة وتأثيرها الفيزيائي على الحيوانات والسيارات والنبتات والأرض.
وفي عام 1969 وعقب تقرير مغاير لتقرير هينيك, وضعت لجنة تابعة لجامعة كولورادو برئاسة الفيزيائي إدورد كوندون تقريراً ينص على أن كل هذه الأبحاث التي جرت في الإحدى والعشرين سنة الماضية لم تضف شيئاً على مفاهيمنا العلمية, مشيراً  الى أن أي أبحاث لاحقة لهده البعثة قد تكون غير مبررة, مما إستدعى النقاد الى الإعتراض على تقرير كوندون المبني على تقييمات ثلاثين بالمئة من الحالات الغامضة, وأن كوندون كان ضد هذه الأبحاث حتى قبل أن يبدأ مراجعة الملفات التي كانت بين يديه, مما أدى الى جعل التحقيقات الحكومية تتوقف عند هذا الحد. علماً أن هذا لم يوقف المشاهدات الكثيرة التي إستمر حصولها حول العالم.
وفي خريف عام 1969 حصلت مشاهدة من قبل الحاكم أنذاك الرئيس الأميركي جيمي كارتر, وكان هناك حوالي 12 شخصاً آخرين كانوا قد شاهدوا أيضاً هذا الجسم المضيء الذي وصف حجمه بحجم مشهد كوكب القمر الذي يطل عادةً فوق سماء ولاية جورجيا. وقام حاكم ولاية جورجيا جيمي كارتر بإبلاغ السلطات الأميركية رسمياً عن مشاهدته الفعلية لمركبة فضائية غريبة. وعندما إنتخب الرئيس الأميركي جيمي كارتر رئيساً للولايات المتحدة, أصدر أمراً لإدارة الوكالة الفضائية الأميركية "ناسا" بالقيام بدراسة تفصيلية دقيقة عن هذا الموضوع.
وبعدها حصل هبوط أخر لمركبة فضائية آخرى في منطقة القوقاز في الإتحاد السوفيتي.
وفي إحصاء أجري عام 1987, أظهر أن 49 بالمئة من الأميركيين باتوا مقتنعين بوجود هذه المركبات الفضائية التي تزورنا من العالم الخارجي. بينما أظهرت إحصاءات سابقة أن هناك 13 مليون أميركي شاهدوا مركبات فضائية غريبة في وقت من الأوقات.


من أين يأتون؟
  
           
هناك عدة نظريات عن مصدر هذه الأجسام الطائرة. البعض منها يعتقد أ ن مصدر هذه الظاهرة هو الأرض نفسها وليس العالم الخارجي. فكان هناك تحليلاً ينص على أنه بعد الحرب العالمية الثانية, هرب بعض النازيين الى أنتاركتيكا بواسطة الغواصات ومعهم صواريخ متقدمة تقنياً حيث أنشأوا قاعدة عسكرية هناك وأطلقوا منها البعض من ألاتهم الطائرة. لكن هذه النظرية لم  تفسر أو تتطابق مع المشاهدات القديمة الأخرى التي وردت عبر التاريخ.
وهناك تحليل آخر ينص على أن هناك تجوفات أرضية بشكل أو بأخر موجودة في باطن الأرض منذ بدايات العصر العلمي. هذا ما قاله العالم الفلكي الأنكليزي إدمون هيلي, مكتشف النجم الذي سمي على إسمه "هيلي" أنذاك في القرن السابع عشرة. فقد قال أن هناك عدة كواكب في باطن الأرض, وأنهم  موجودون الواحدة داخل الآخرى. ثم أتى بعض المؤيدين لهذه الأفكار ليقولوا أن هناك شمساً آخرى موجودة في جوف الكرة الأرضية, وأن هناك بشراً متطورين جداً يعيشون داخل هذا الجوف. مما إستدعى البحرية الأمركية الى إرسال عدد من السفن لإكتشاف أنتركيتكا في غضون القرن التاسع عشر.
وهناك أيضاً أساطير قديمة تنص على أن هناك حضارة قديمة داخل جوف الأرض تدعى أغارثا, وهم سلالة متقدمة روحياً تتحدر من حضارة قبيلتي "المو" و "أتلانتس" المفقودتين, حسب ما ورد عن طائفة اللاما في الديانة البوذية. وأن هذه الحضارات الباطنية موصولة ببعضها البعض من خلال شبكة أنفاق لها بعض المخارج المؤدية الى سطح الأرض, كجبال الهملايا والروكيز والأنديس وجبال آخرى. وبعضهم يستخدم هذه النظرية ليفسر الإختفاء المفاجيء لحضارة الإنكا وغيرها من الحضارات المختفية.
وهناك من القرن التاسع عشر من يعتقد أن هناك فجوات في القطب الشمالي والجنوبي تؤدي الى عالم ثانٍ داخل الأرض, وإنها منحدرة بطريقة أنك قد تدخل فيها بدون ملاحظتك ذلك, وكما أن هناك شمس أصغر حجماً من شمسنا هذه وأقل وهجاً منها, مع محيطات وجبال وحيوانات ونباتات تشبه تلك على وجه الأرض. ومن المفترض أن هذه المركبات الفضائية تدخل وتخرج من تلك الفجوات القطبية.
وهناك أيضاً فرضية واسعة على أن هذه المركبات الفضائية أتت من كواكب مجاورة, كالمريخ والزهرة, أو من كوكب كان وقد دمر بفعل حرب نووية أو كارثة طبيعية, أو من كوكب لم يتم إكتشافه بعد. ولكننا سنعتبر كل هذه النظريات الآتية كبداية لفكرة مجيء هذه المركبات الفضائية من الكواكب الخارجية المجاورة لكوكبنا هذا.


النموذج اللولبي للنظام الشمسي


إن حرارة سطح كوكب عطارد حسب التقديرات الحالية يصل الى 340 درجة سيلسيوس في النهار و 120 درجة سيلسيوس تحت الصفر في الليل. مع هذا الفارق الكبير في الحرارة بين الليل والنهار, يعتقد أنه من الصعب التكهن بوجود حياة على سطح هذا الكوكب الأقرب للشمس.
أما بالنسبة الى كوكب الزهرة, فهو الكوكب الثاني من الشمس, فمن المفترض أن حرارته الساخنة ستكون أيضاً غير ملائمة لوجود حياة فيزيائية على سطحه. علماً أن هناك دراسة تقول أن حرارة هذا الكوكب ليست بهذه السخونة التي كانوا يتصورونها. فمع كل هذه المعطيات, من الصعب تأكيد بعض الأساطير القديمة التي تتكلم عن هبوط كائنات غريبة فضائية قادمة من كوكب الزهرة. ولكن من المحتمل أن تكون متطلبات الحياة على هذين الكوكبين أنذاك "الزهرة وعطارد" أكثر إحتمالاً مما يظهر لنا عليه الأن!؟

لنتمكن من تفسير هذه الآساطير القديمة, يلزمنا كشف علمي أكثر تقدماً وديناميكيةً للنظام الشمسي من النظام المعمول به حاليا, فليس هناك شيئاً في هذا الكون ثابت أو غير قابل للتطور أو التحول. هذا ما يتفق عليه منطق الأكثرية من العلماء والباحثين.
لهذا نقول أن كل الكواكب التي تقع في المدار الشمسي هي كواكب متحركة وغير ثابتة في موقعها. فحسب النموذج الحالي, أن الأرض تبعد 93 مليون ميل تقريباً عن الشمس, ونقول تقريباً لأن هذا الدوران الأرضي حول الشمس ليس دائرياً, بل بيضاوي المسار. لهذا نرى أن المسافات بيننا وبين الشمس تختلف قليلاً بين فصل الصيف وفصل الشتاء. فمن الطبيعي أن يكون هذا الإختلاف وهذا التفاوت طبيعياً, كالإختلاف التكويني بين الجانب الأيسر والأيمن من وجه الإنسان.
هناك الكثير من العلماء لم يلاحظوا هذه التغيرات وهذه المفارقات الدقيقة بعد, فإن الكواكب تطوف عملياً حول الشمس بشكل بيضاوي المسار. فهذا الطوفان اللولبي حول الشمس يعبر عن الطريقة الكونية التي تطوف بها كل هذه الكواكب, صغيرة كانت أم كبيرة.  
ومن خارج كل مدار من هذه المدارات, نجد هذه الغيمة الهائلة الممتلئة بحوالي 100 مليون مذنب يطوفون بالنظام نفسه حول الشمس.
فالشمس هي الطاقة الأكئر مركزية والأكثر قوة. بينما الكواكب الآخرى تمتثل لهذا التعادل الطبيعي لميزان قوى هذه الطاقة الكونية العظيمة.

إذاً ما هو هذا الشيء العظيم الذي نسميه شمساً؟ إن الإفتراضات المتوافرة تقول أن الشمس جسمٌ مستقل يحتوي على كميات هائلة من الهيدروجين الذي يتحول الى هيليوم عند إحتراقه. وعند إحتراق هذا الهيدروجين, يتعاظم تركيز الهيليوم أكثر فأكثر, مما جعل بعض العلماء يعتقدون أن هذه العملية ستستهلك يوماً ما كل الهيدروجين الموجود في الشمس مما يوقف فعلياً عملية الإحتراق هذه ويؤدي في نهاية المطاف الى إنطفاء الشمس كلياً.

إن التفكير بهذه الطريقة يشبه الطريقة ذاتها لهؤلاء العلماء الذين ينظرون الى أعضاء الجسم الواحد كأجزاء مستقلة عن بعضها البعض, وكأن ليس هناك رابطاً حيوياً بينهم, كالدم الذي يطوف بشكل مستمر ليغذي كل عضو فيه. إن هذه النظرية تقوم عملياً على العزل والتجزئة بدلاً من التكامل والتواحد.
فالشمس بالحقيقة ليست جسماً منعزل يحترق وحده في الفضاء. إنها ببساطة النقطة المركزية للتطور الكوني والحركة الكونية. فكما أن المذنبات تطوف منفردة في بداية الأمر, ومع مرور الزمن تتحد مع بعضها البعض لتتطور في مرحلة ما الى أن تصبح كوكباً جديداً في العالم الفضائي, فإن هذه الكواكب تطوف أيضاً وتتطور تدريجياً باتجاه الشمس لتصغر حجماً وتخف وزناً الى أن تندمج كلياً مع الشمس وتصبح قوة واحدة ومتواحدة.

هناك 107 عناصر في الأرض, حيث يعتبر الراديوم واليورانيوم الأثقل وزناً,  وهما يتبخران بعملية نسميها التفاعل الإشعاعي. فإنهما يذوبان ويتغيران من مادة الى طاقة. كما أن هناك عناصر متوسطة الوزن مثل الكالسيوم والحديد لهما تفاعلاتهما الإشعاعية أيضاً, فكل ما إقتربت الأرض من الشمس تتبخر هذه العناصر الواحدة تلوى الآخرى الى أن تصبح غيمة متألقة, بحيث أن العناصر الخفيفة فقط كالأوكسجين والنيتروجين والهيدروجين تبقى على حالها.    
كنتيجة لعملية الحركة المحورية هذه, نرى أن باستطاعة هذه الغيوم الخفيفة المنبثقة من الكواكب الوصول الى نقطة مركزية من الشمس, حيث تندمج وتصبح كجزيئات شعاعية ضمن طاقتها, حيث تشع مجدداً بقوةٍ وطاقةٍ صادرةٍ منها. إن الشمس هي النقطة المركزية الوحيدة لهذه الطاقة اللولبية التي تنبعث منها لتشع مجدداً كطاقة لولبية إنتشارية هائلة.
تتدفق هذه الإشعاعات بشكل تموجات وإرتدادات الى أن تصل الى الحد الآقصى للنظام الشمسي, حيث تتجمع كغيوم من الغازات, مخلفةً مذنبات كثيرة قبل أن تبدأ بالرجوع مجدداً الى الداخل, الى نقطتها المركزية "الشمس". ويستمر حصول هذا الى ما لا نهاية, من الداخل الى الخارج ومن الخارج الى الداخل, فتتجدد هذه الطاقة وهذه المادة بشكل دائم ومستمر.

ما هو تأثير هذا النموذج الكامل على إحتمالات الحياة على الكواكب الآخرى من النظام الشمسي؟ بتقديري الشخصي, إن تاريخ بدء الحياة على الأرض يرجع الى 3.2 بليون سنة تقريباً, عندما كان موقع الكرة الأرضية في مكان ما بين الموقع الحالي لكوكب المشتري والمريخ. لهذا نعتقد حالياً أن بوادر حياة ما قد تكون قد بدأت على كوكب المريخ "أنظر الى الصورة." بعد عدة بلايين من السنوات سيكون المريخ في موقعنا الحالي من النظام الشمسي, حيث ستتكون أشكالاً متطورة من الحياة, كتلك في عالمنا هذا. وبالتالي, فإن الحياة على كوكب الزهرة كان وقد مر بكل هذه المراحل منذ زمنٍ بعيد, لهذا نعتبر أن الحياة هناك قد تكون أكثر تطوراً من حياتنا هذه بأشواط.
لم تتكون هذه الحياة البيولوجية على كوكبنا هذا بالصدفة. ففي نظامنا الشمسي هناك سلسلة من المراحل الكونية التي يمر بها كلٌ من المشتري والمريخ, والزهرة وعطارد. لهذا يمكننا القول أن موقعنا الحالي في النظام الشمسي هذا يسمح لنا أن نتواجد الأن ونعيش أزمنةً من الحياة التكاثرية البيولوجية.
وحسب هذه الصيغة الجديدة, فإن إمكانية طهور الجنس البشري على كوكب الزهرة كان وقد حصل فبل ظهورهم على كوكب الأرض بملايين السنين. فمن الأرجح أن هناك حضارة متقدمة علينا في كوكب الزهرة إستطاعت أن تقوم بالتنقل بين الكواكب, فقد قامت بزيارة الأرض عندما كان أجدادنا بوضع متخلف, قاموا بتعليمهم ومساعدتهم وتوجيهم كأصدقاء لهم.
بعد عدة ملايين من السنين, عندما يصبح كوكب الأرض متقدماً على موقع  كوكب الزهراء الحالي, سيبدأ كوكبنا بالذوبان والتحول الى ذبذبات إرتجاجية. عندها, لن يستطيع البشر التواجد بشكلهم المادي أو الجسدي هذا, إنما سيتحولون من الوجود المادي الى الوجود الإرتجاجي "روحي." كل منا سيدخل عالم الإرتجاجات والتموجات عندما يموت جسده البيولوجي. وهكذا كأفراد, سوف نختبر مستقبل العالم البشري بكامله.


3.2 بليون سنة


 
                        حياة روحية متقدمة          حياة بشرية        بداية حياة












 
                                                                               
















 
الشمس     عطارد         الزهرة                الأرض        المريخ                المشتري


تطور الحياة البيولوجية للنظام الشمسي



كواكب لم تكتشف بعد
 


هناك نظرية آخرى تقول أن هذه المركبات الفضائية المجهولة أتت من كوكب مفقود كان يقع بين كوكبي المشتري والمريخ. وكان سكان هذا الكوكب الخامس منقدمين علمياً لدرجة تسمح لهم بالتنقل بين كوكبهم هذا والأرض. وظل هذا التواصل الى أن دمر كوكبهم بواسطة حرب نووية أو إرتطام ما بمذنب آخر, حيث تطايرت أجزائه في الفضاء مشكلةً حزاماً من الكواكب السيارة المتناثرة الموجودة حالياً بين كوكب المشتري والمريخ. بعض الأساطير القديمة لقبائل المايان والهنود الحمر تصف هذا الكوكب المفقود على أنه هو المصدر الأساسي لكل هذا الوجود وهذه المشاهدات الخارجية.
وهناك نظرية  للكاتب زخريا سيتشين في كتابه "الكوكب الثاني عشر" عام 1976 متشابهاً لحد ما مع هذه النظرية السابقة, وأن الكوكب بلوتو وهو الكوكب الأبعد من الشمس, كان قد بدل موقعه بنسبة 14-16 درجة من الحقل الشمسي. فإذا كان لهذا الكوكب المفقود وجوداً, يتوقع العلماء أن يكون بعد الكوكب بلوتو, على مستوى 70 درجة من الخط الشمسي. إلا أنه يعتقد أن وجود هذا الكوكب في ذلك الموقع قد يتسبب بإضطرابات جرمية غير مبررة في مدار كوكب أورانس. وقد أدى إكتشاف هذه الإضطرابات الجرمية في مطلع القرن العشرين الى إكتشاف الكوكب بلوتو عام 1930. ولكن في مطلع عام 1990 قال العالم الفلكي روبرت هارينغتون, وهو مراقب في البحرية الأميركية, أن هناك تحليلات مستحدثة تظهر أن الكوكب بلوتو 1000 مرة أصغر من أن يتسبب بكل هده الإضطرابات الجرمية. وبدلاً عن هذا, توقع هارينغتون أن يكون هناك كوكب أخر مجهول في الناحية الجنوبية من الفضاء ما زالوا يبحثون عنه بواسطة المنظار التيليسكوبي في نيوزلاتدا.
وفي كتاب زخريا سيتشين, قدم الكاتب عدة إثباتات لآساطير كانت قد وردت عبر التاريخ, وخصوصاً لتلك في العهد السامري التي تتحدث بوضوح عن كوكب مفقود. هذه الآسطورة تشير الى كوكب يتحرك في الزاوية نفسها التى توقعها علماء الفلك الحاليين, وأن دورانه يشبه دوران المذنبات. كما أن باستطاعته أن يصل أثناء دورته حول الشمس الى نقطة تقع بين كوكبي المريخ والمشتري, قبل أن يكمل رحلته بعدها الى أفصى حدٍ له في الفضاء الخارجي.
تنص الآساطير السامرية على أن هذا الكوكب يدور حول الشمس مرة كل 3600 سنة, وأن سكانه على درجة عالية من التقدم. وكلما إقترب هذا الكوكب من الأرض, يقوموا سكانه بزيارات عديدة الى الأرض قبل أن يبتعد الى آقاصي الفضاء الخارجي. ويعتقد سيتشين أن أول زيارة للأرض قامت بها هذه الكائنات كانت منذ أكثر من 400,000 سنة, وأول مكان تم الهبوط فيه هو في ما يعرف به حالياً المملكة العربية السعودية التي تقع على مقربة من الحضارة السامرية والتي تعتبر مهد كل الحضارات التي ولدت لاحقاً.
لقد إندهش العلماء المعاصرون بالعلوم والتجارب التي عرفوها ومارسوها السامريون القدماء. فقد كانوا أول من إخترع طريقة للتعبير بالكتابة. وقد إخترعوا العجلات لعرباتهم واخترعوا المحراث, كما أنه كان لديهم معايير دقيقة للمقاييس وتقنيات عملية للتخطيط والمساحة. وكانوا بارعين بالفنون والأشغال اليدوية. كما أنهم قسموا اليوم الى ساعات ودقائق. وكانت معرفتهم بعلم الفلك والحساب والطب واسعة للغاية. ولكن بغض النظر عن كل هذا التقدم وهذه المعرفة, لم يعرف سوى القليل عن جذورهم العرقية. لم يعرف أحد من أين آتوا, ولكن يبدو أنهم غير موصولون بأي عرق أو سلالة تنتمي لهذه الأرض. وقال سيتشين, إن هناك كائنات فائفة الذكاء من كوكب ما مفقود كانوا قد أتوا لمساعدة السامريين على تطوير أنفسهم. وحسب تقديرات سيتشين, أن هذا الكوكب المفقود سوف يقترب مجدداً من القطاع الداخلي للنظام الشمسي بعد مدة تقريبية تقدر بحوالي 1200 سنة من الأن. فإذا كان تقديره صحيحاً, فهذا يعني أن أخر مرة إقتربوا منها الى الأرض كان منذ 2400 سنة, أي في الزمن ذاته الذي شاهد فيه النبي قزحيا رؤيته السماوية للألهة.


كم تبلغ حرارة الشمس؟   
                                                                            
       
خرائط إزوهارا اليابانية تتضمن رسومات رائعة تظهر فيها منطقة الشرق الآقصى موصولة بخط متقطع تصله بنجمة مشعة. وفي الكتابات المرافقة لهذه الخريطة توضيح ينص على أنه كان هناك رحلات دورية ومتكررة بين هذين الموقعين. أسم هذه النجمة حسب ما ورد في هذه الخرائط كان هيتامانوكوني, والتي تعني "بلاد الشمس الأرضية."
هناك بعض الكتابات تصف أن أمبراطوراً يابانياً ومعه 397 شخصاً كانوا وقد تجمعوا على قمة جبل عالٍ, حيث قاموا برحلة فضائية الى "بلاد الشمس السماوية" على متن سفينة فضائية. ففي هذا العالم ما زال هناك بعض الحضارات تؤمن بتحدرها من "بلاد الشمس السماوية," كما أنهم إتخذوا الشمس شعاراً دائماً لهم, وعرفوا "بحضارات الشمس."
إعتقد بعض المفسرون أن هذه النجمة المشعة أو "بلاد الشمس الأرضية," هي الشمس نفسها. ولكن هذه النظرة بالطبع تتناقد مع مفهومنا الحالي للشمس.
حسب تقدير علماء الفلك, أن حرارة سطح الشمس يبلغ 6000 درجة سيلسيوس, وتبلغ الحرارة للإكليل الشمسي أو التاج الذي يحيط الشمس 2,000,000 درجة سيلسيوس. لهذا نعرف جيداً أن أي شىء مادي أو صلب سيذوب ويتبخر بشكل فوري عند إقترابه من الشمس. ولكن هناك عدد قليل من المفكرين يشككون بالفرضيات المعطاة حول قوة حرارة الشمس, كالعالم الإنكليزي الذي إكتشف الكوكب أورنس وليام هيرشيل. فالمؤيدون للنظرية الثانية يقولون أنهم سبق وشاهدوا مذنبات كثيرة تدخل الإكليل الشمسي وتخرج من الجهة المقابلة منه بدون أي تغيير في شكلها أو معالمها. كما إنهم أشاروا الى أنه من المفترض أن لا يكون هناك أي تواجد لقوة مغناطيسية تحت تأثير هكذا إرتفاع في الحرارة, ولكننا نعرف جيداً أن الشمس لها قوة مغناطيسية هائلة.
حسب ما ورد في هذه النظرية, فأن الإكليل الشمسي هو كالهالة. هذه الهالة التي تشبه الهالة الكونية للكواكب والبشر, والتي تشع عادةً من أعلى رأس الإنسان. فهذه الهالة الشمسية مكونة من طاقة قوية, ولكنها ليست بالضرورة مصدر كل هذه الحرارة المرتفعة كما أنهم يعتقدون. وهي تبعث بدفق من الجزيئيات الإشعاعية المعروفة بالرياح الشمسية, بالتواكب مع الإشعاعات الضوئية الناتجة عنها. عندما يصل هذا الدفق من الطاقة الى الأجواء الأرضية, تتصادم مع غلافها الجوي, محدثةًً إحتكاكاًً ينتج عنه درجة حرارية معينة. علماً, أنه يبدو لنا أن الشمس هي المصدر الوحيد لكل هذه الحرارة. إذا كانت هذه المقاربة للأمور صحيحةًً, فإن الحرارة على كوكبي الزهرة وعطارد لن تكون مرتفعة كما هو معتقد به حالياً, وليست بمنخفضة أيضاً على تلك الكواكب التي يبعد مدارها كثيراً عن المركز المحوري للشمس.

مما لا شك فيه أن كل شيء يطوف ويتحرك بطريقة ديناميكية في هذا العالم الفضائي والكوني, وبغض النظر عن سرعة حركة كل كوكب, فإنه من الطيبعي أن ينتج عن تلك الديناميكية قوة طرد حرارية ذاتية. فحسب تقديري الشخصي, إن كل الكواكب تتمتع بدرجة معقولة من الحرارة تساعدها في تكوين فرص متعددة ومتنوعة من الحياة, بدأً بالحياة البدائية الى الحياة البيولوجية والأكثر تطوراً.
هذا ما قد يفسر قدرة سكان هذا الكوكب المفقود بمساعدة سكان كوكب الأرض بالرغم من مدارها البعيد الذي يتخطى كوكب بلوتو كأقرب تقدير له من الشمس. بكلمات آخرى, من الممكن أننا قد لا نكون معتمدين على الشمس بشكل كامل. فلكل كوكب في هذا الكون صلة مباشرة يستمدها عبر هذه الطاقة المتدفقة من الفضاء الخارجي, مما يعطيه القدرة على إنتاج حقله الخاص من الطاقه الكونية, مما يجعل كل الكواكب قادرة على دعم شكلاً ما من أشكال الحياة المتعددة والمتنوعة.


الحياة في هذه المجرة


كالنظام الشمسي, فإن لمجرة درب باب اللبانة قوة طرد لولبية هائلة, حيث تتحرك كل من أنظمتها الشمسية تدريجياً باتجاه النقطة المركزية, مستغرقةً عدة بلايين من السنين. فإن النجوم الأقرب الى النقطة المركزية للمجرة ينبعث منها ألواناً أكثرها من "اليانغ," كالأحمر والأشعة تحت الحمراء, بينما النجوم الأبعد تبعث ألواناً أكثرها "الين," كالبنفسجي والأزرق.
إن نظامنا الشمسي الحالي "الأرض" يقع في نطاق مسافة الثلثين من الشمس حسب الترتيب الكوكبي لهذه المجرة, بحيث أن الشمس تبعث الينا بألوان أكثر إتزاناً كالأصفر.
عندما ننظر جانبياً الى شكل درب اللبانة, نرى وكأنه صحن طائر ضخم. وهو يأخذ هذا الشكل لأن قوة الطاقة الآتية من آقاصي الفضاء تدفعه الى النقطة المركزية, مكونةً بروزاً مركزياً مع بداية رجوع هذه الطاقة الى الآقاصي الخارجية "الصورة أدناه".
يبلغ عمق درب باب اللبانة 100,000 سنة ضوئية وعلوه 20,000 سنة ضوئية. وأكثر من ذلك, فلقد إكتشف علماء الفلك حديثاً هالة كوكبية, وهي غيمة هائلة من الغازات الخفيفة تحيط بالمجرة لتمتد خارجاً بنحو 300,000 سنة ضوئية, حيث يقدر وجود حوالي 100 بليون نظام شمسي ضمن مجرة درب باب اللبانة.
مع هذه المعطيات لكثرة النجوم في هذه المجرة, تصبح لدينا إحتمالات أكبر بوجود كائنات ذكية ضمن مجرة درب باب اللبانة. فإذا إفترضنا أن لكل من هذه 100 بليون نظام نجمي يحتوي على الأقل كوكباً واحداً يشبه كوكب الأرض في مكوناته, أي يوجد عليه حياة وأشكالاً منوعة من الكائنات الحية, بدون إحتساب ما تبقى من الكواكب الأخرى, يصبح لدينا 100 بليون كوكب في هذه المجرة وحدها يحتوي على شكل من أشكال الحياة البشرية.




 






100,000 سنة ضوئية


 


درب باب اللبانة الذي يشبه الصحن الطائر


وإذا نظرنا ما وراء المجرة, سوف نرى مئات الملايين من المجرات الآخرى, بعضها قد يكون أكثر تطوراً منا وبعضها أقل. ومن المحتمل أن كل مجرة من هذه المجرات تحتوي على نظام نجمي يسمح لوجود كائنات ذكية عليها.
يجب أن نستخلص من كل هذا أن هناك ألاف البلايين من الكواكب الأخرى في هذا الكون تشبه كوكبنا, ولكل كوكب له نوعاً من أنواع الحياة التي تشبه حياتنا هنا الى حدٍ كبير. من الممكن نكران هذا الأمر, ولكنه يتطلب منا أن نكون محدودين وغير منطقيين. لهذا نقول أن هناك حياة ما خارج كوكب الأرض.
ففي جميع الأحوال, هناك عدد من المشاكل ستبرز عندما ننظر الى هذه الكواكب البعيدة من نظامنا الشمسي هذا كإحتمالٍ لمصدر هذه الزيارات المتكررة لمركبات فضائية مجهولة. فمن المشاكل الأولى التي تعترضنا هي هذه المسافات الشاسعة التي تفصل بينا. فالنجم الأقرب مسافة إلينا هو النجم "ألفا سينتوري", وهو يبعد 4 سنوات ضوئية.  فإذا أقلعت مركبة فضائية من كوكب ألفا سينتوري, فسوف يستغرقها 4 سنوات سفر بسرعة الضوء قبل وصولها إلينا. وهنا يقول العلماء أن السفر بسرعة الضوء سوف يؤدي الى تفكك جسدي - مادي. فمن النظرة العلمية الحالية, أن إحتمالات السفر عبر المجرات هو أمر بعيد المنال لأنه سوف يستغرق الملايين من السنوات الضوئية.
ففي هذا الكون تحول دائم  ومستمر من طاقة الى مادة ومن مادة الى طاقة. فإذا إستطاع البشر تفهم هذه العملية الكونية الطبيعية, فمن المحتمل جداً إستطاعتهم السفر بسهولة عبر المجرات والفضاء الخارجي. ولكن لحصول هذا, يجب على البشر التعلم كيفية تسريع معدل الذبذبات الإرتجاجية للمادة وتحويلها الى طاقة صرف, ثم إعادة تحويلها الى مادة بدون أن تفقد شكلها الأصلي – بكلمات آخرى, إنها تقنية تتعلق بإخفاء المادة ومن ثم إعادتها الى الشكل نفسه. فإن إستطعنا تحويل مركبة فضائية الى طاقة فسوف يمكنها السفر بسرعة تفوق سرعة الضوء.
يمكننا إرسال أفكارنا وتصوراتنا بشكل فوري الى أماكن بعيدة جداً تقدر بملايين السنوات الضوئية بواسطة النيوترين, وهي جزيئيات صغيرة جداً لا قيمة مادية لها ولا تحتوي على شحنة إيجابية أو سلبية. بما أنها عملياً محايدة, فالنيوترين هي الوسيلة الفورية عند الإنسان للحدس والتبصر أو الوعي. بتقديري الشخصي, أن النيوترين تنتقل بسرعة 100,000 سنة ضوئية بالثانية – أو فورأ. فإن مسارات هذه الجزيئيات التموجية الصغيرة جداً تنتقل ذهاباً وأياباً بين الكواكب والنجوم والمجرات. فإذا أمكن تحويل مركبة فضائية الى ذبذبات إرتجاجية, فمن الممكن الإنتقال عبر إحدى هذه المسارات التموجية بسرعة شبه فورية. وعند وصولها الى وجهتها المقصودة, تتحول المركبة الفضائية الى جسمها المادي الصلب بتحفيف سرعة الذبذبات الإرتجاجية الى ما كانت عليه سابقاً.
كما أن هناك سؤلاً يطرحه الكثيرون منا, لماذا تسعى هذه الحضارات البعيدة من هذا الكون التعرف على كوكب الأرض؟ هذا السؤال طرح من قبل العالم الفلكي كارل ساغان عام 1969 في مؤتمر نظمته المؤسسة الأميركية للعلوم المتقدمة, حيث نشرت جامعة كورنيل وقائع هذا المؤتمر عام 1972 في كتاب أسمه "النقاش العلمي للأجسام الطائرة الغريبة." حسب قول ساغان, أن لا بد أن هناك تميزاً ما لسكان أهل الأرض قد يبرر كل هذه الزيارات من الفضاء الخارجي. وفال أنه ليس مع فكرة وجود الكثير من الحضارات حولنا, وإلا لكان تطورنا على الأرض شيء شائع. وإذا كان تطورنا هذا ليس شائعاً, فلن يكون هناك حضارات كثيرة متطورة كفاية لزيارة كوكب الأرض.
هذا الإعتراض ركز على الطرح الذي يسأل لماذا تقوم هذه المركبات الفضائية بزيارة الأرض, والأكثر من ذلك, السؤال عن من أين أتوا وكيف وصلوا الى هنا.
قبل أن نفكر في هذا الطرح, دعونا نتفحص هذه النظرية عن مصدر هذه الأجسام الطائرة والتي تتكلم بشكل خاص عن بعدٍ آخر كانوا قد آتو منه.


عالم متوازي


على مر القرون والبشر يتسألون عن وجود عالم متواز لنا في البعد الآخر. فالأساطير الشرقية على سبيل المثال تتحدث عن المقدرة التي يتمتع بها اليوغيز وجماعات آخرى متطورة روحياً بالإنتقال ضميرياً الى عالم يتخطى الأبعاد المألوفة بالنسبة الى الزمان والمكان. ففي اليابان, أعطي علم الأبعاد أسم "سن-كيو, والذي يعني "العالم الذي يمكن دخوله بواسطة المقدرات الروحية المتقدمة.وحسب بعض الآساطير, عندما يتم دخول هذا العالم من قبل هؤلاء العالمين أو المستنيرين, فإنه يتم إختبار عالم مواز لعالمنا هذا يشبهه كثيراً. هذا العالم مسكون بأناس على نحو واسع من التطور حيث يمكنهم التواصل مع بعضهم البعض بواسطة "التخاطر," ويمكنهم السفر من كوكب الى آخر في أبعادهم بواسطة مركبات فضائية متطورة. وأيضاً, هناك بعض الجماعات المتطورة روحاياً تستطيع التواصل بالخواطر مع هؤلاء الكائنات في البعد الأخر وإستدعائهم الى عالمنا هذا.
بالطبع, هذه الإعتقادات في علم الماورائيات يتخطى كل ما وصل إليه العلم الذي هو قادر فقط على تقييم الأمور بالمنطق المادي للفكرة. وهل من الممكن أن تكون هذه القصص أكثر من مخيلات براقة, فوجود عالم يتطابق مع عالمنا هذا يبقى أبعد من مفهومنا البشري العادي؟
كل شيء في هذا الكون له جهتان, أو جهة مرئية وجهة غير مرئية. فالكون لم يتكون في هذا الوجود صدفةً, ولكن من خلال تطور إستقطبته اللانهاية "اليانغ" "واليونغ," أو طاقة "التمدد والتقلص." فإن هذه الطاقة المستقطبة التي تأخد شكلاً طارداً لولبياً هائلاً تتكثف وتصبح مادة, مشكلةً مجرات ونجوم وكواكب ونباتات وحيوانات وإنسان. من خلال هذه العملية يصبح الكبير صغيراً, واللامادة مادة, واللامرئي مرئياً.

إن هذا الدوران اللولبي باتجاه الداخل يخلق بعداً في هذا العالم الذي ندركه ونعيشه كواقع يومي. فبكل الأحوال, إن أي دوران لولبي بالإتجاه الداخلي سوف يقابله دوران لولبي آخر بالإتجاه الخارجي مصدره هذا العالم المادي الأصغر نسبةً, حيث تتحول الطاقة المادية مجدداً الى طاقة لا مادية. إن هذا الطرد المركزي اللولبي للطاقة هو الذي يكوْن بعداً آخراً في الفضاء بحيث تتواكب مع طاقتنا بنفس الطريقة التي تتواكب فيها المادة مع اللامادة.
علماً, أننا نعيش الأن في هذين البعدين وفي آنٍ واحد, فإن إدراكنا الحسي  محصوراً بتلك الطاقة اللولبية القادمة الينا من الخارج. إن جهازنا العصبي موصول بهذه الطاقة اللولبية التي تخترق مجال إدراكنا بتوجهها الى داخل أحاسيسنا لتتلقاه. كما أن أحاسيسنا البشرية غير مؤهلة لأن تتلقي طاقة آخرى بعيدة ومتفوقة السرعة عن مسارنا الأرضي هذا.

كما رأينا, فإن نظامنا الشمسي مكون بطريقة يتلقى فيها هذه التموجات اللولبية من المركز الأساسي للطاقة وهو الشمس. فمن النقطة المركزية للشمس تخرج هذه التموجات اللولبية لتصل الى الحد الآقصى الخارجي للمجرة. فليس باستطاعتنا رؤية أو تحسس العالم الآخر هذا إلا عن طريق الحرارة والضوء والطاقة المشعة. أن هذه الإشعاعات الشمسية تفوق التموجات اللولبية الصادرة عن الأرض طاقة وقوة. فلو عكسنا الآية, لما كنا في وضع يسمح لنا بتلقي هذه الطاقة الحيوية.

هناك بعض الناس يعتقدون بوجود نظام شمسي مواز لنا في العالم الخارجي. ويعتقد أن هذا النظام متشابه مع نظامنا هذا, وأن سلسلة من المركبات الفضائية تطلق من هناك باتجاه كوكبنا هذا بشكل مستمر. وعندما تخترق هذه المركبات الفضائية كل هذه المسافات البعيدة, تدخل نطاق أجوائنا مما يمكننا من مشاهدتها ورصدها عبر أجهزة الرادارات. ولكن عندما ينطلقون بسرعة هائلة تفوق مقدرتنا النظرية والتقنية, بالرغم من هذا, فإنهم يمرون خارج نطاق مقدرتنا الإدراكية, فيختفون بلمح البصر, تاركيننا متسألين إذا كنا فعلاً رأيناهم أم لا.


لماذا يأتون؟


إعتاد الناس منذ زمن أن يفسروا وجود هذه المركبات الفضائية كلٌ على طريقته. فكان للقدماء تفسير ديني صرف لهذه الأمور الغريبة. فمثلاً قزحيا, عبر عنها بمشاهدته "رؤية لله," ووصف الأصوات التي سمعها "كصوت القوي الجبار." ففي عصرنا هذا, تم إستبدال الرؤية الدينية برؤيات أكثر علمية وأكثر خبرة, حيث استطاع العلم في عصرنا هذا الإضاءة على الأمور بشكل مختلف.
ولنعطي مثلاً صالحاً على ذلك, ففي قديم الزمان عندما كانت تحدث زيارات من العالم الخارجي الى عالمنا هذا, إستطاعت هذه الكائنات الغريبة أن تهيمن وتؤثر على الإنسان, إذ أسروا وأجروا عمليات وراثية محددة لخلق جنس بشري أذكى مما هم عليه. إنما هذه التصورات هي تصورات عالمنا المتحضر. ولكنها تضع رهانات خاطئة على أعمال هذه الكائنات الغريبة وتفترض أن مهمتهم كانت إستغلال سكان هذا الكوكب وتطويعهم, أكثر من مساعدتهم وإرشادهم. أنا شخصياً لا أعتقد أنهم أجروا تعديلات جينية حينها, بل أتوا بمعرفة زرع الحنطة وغيرها من المزروعات الطبيعية لتطوير الصحة والسلام والتوعية الروحية. فمن خلال تطبيق تعاليمهم وإرشادتهم, إستطاع أجدادنا التطور بسرعة فائقة, لإن تعاليمهم كانت تحتوي على قدر كبير من التوجيه الإيجابي لطبيعة الكون. فأنا من ناحيتي أشك في محاولتهم التلاعب بالهندسة الجينية للجنس البشري.
وفيما يتعلق بقصص الإحتجازات, هناك مثل آخر للنطرة العصرية للأمور. فعندما خضع هؤلاء الناس الذين إدعوا أنهم أحتجزوا من قبل كائنات غريبة للتنويم المغناطيسي,. قالوا أنهم أخذوا الى غرفة تشبه غرفة العمليات وخضعوا لإجرائات طبية موجعة. من المرجح أن هذه التصريحات لهؤلاء المحتجزين تعكس الخوف الذي يتضمنه عقلهم الباطني بالنسبة للجراحة والطب الحديث, أكثر من وصف الحقيقة هذه بطريقة دقيقة.
أما بالنسبة للبعض الآخر, فإن هذه الكائنات الغريبة هي جزأً من مسلسل غزو إحتلالي لمناطق وأمبراطوريات كانت قد وجدت عبر التاريخ. ككتاب "حروب العالمين" للكاتب هي.ج.ويلز الذي يتكلم عن غزو من المريخ لأهل الأرض للإستئثار بسكانه وثرواته الطبيعية. إن هذا الإعتقاد الخاطيء هو نتيجة محاولة تفسير وجود المركبات الفضائية من خلال رؤية ضيقة للأمور, مستندين الى الخبرات الأرضية التى عانى منها سكان هذه الأرض. ببساطة, أننا نطلق تصورات لا تعبر إلا عن خوفنا وجهلنا الإجتماعي للأمور التي لا نفهمها.

إذاً, لماذا تريد هذه الحضارات الخارجية زيارة كوكب الأرض؟ حسب بعض المصادر, فإن هذه المركبات الفضائية تقوم بزيارات عدة حاملة كائنات من كواكب مختلفة, بعضهم قد ينتمي الى نظامنا الشمسي والبعض الآخر  قد ينتمي الى أبعاد آخرى, ويسموا أنفسهم الإتحاد الكوني. فبين تارة وآخرى, قد نجد في المجرة حضارة ما تواجه الدمار الشامل أو النمو المستمر. بعض الحضارات إستطاعت حل مشاكلها وتخطت المحن واستمرت بتطور وتقدم, بينما آخرى لم تصل الى هذه المراحل من التطور. وهناك حضارات لم تبلغ مرحلة الأزمات بعد ولكنهم فشلوا في تخطي تدمير أنفسهم من خلال عملية إلغاء بيولوجي أو تدمير عالمي. وإن سبب كل هذه الزيارات من قبل الإتحاد الكوني للأرض هو الإقتراب الإنساني لمواجهة زمن المحن والأزمات.
والمثير للإهتمام, أن العديد من المشاهدات الحديثة حصلت في مواقع قريبة لمنشأت تصنع أو تخزن أسلحة نووية, مما جعل البعض يفكر في أن هؤلاء الزوار قلقون من إنشار التقنية النووية أو لإحتمالات قيام حرب نووية ما. لقد حصل على الأرض تسابق في التخصيب النووي منذ الإنفجار النووي الأول خلال الحرب العالمية الثانية. فبين سنة 1945 – 1981, هاك ستة بلدان طورت أسلحة نووية وأجرت 1321 تجربة نووية فوق وتحت سطح الأرض. ففي بداية 1980 كان هناك 48 بلداً كانت قد أشأت مفاعلات نووية أو طورت أبحاثها لتصنيع أسلحة نووية. حتى الأن لا يوجد طريقة آمنة لتخزين هذه النفايات النووية. فأن البلوتونيوم#239 له مفعول أشعاعي لمدة 240,000 سنة واليورانيوم#238 له مفعول أشعاعي 4.5 مليون سنة, مشكلاً خطراً مميتاً ليس للأجيال القادمة على كوكب الأرض برمته, بل أيضاً على البيئة العامة في هذا النظام الشمسي ككل.
وزيادةً على ذلك, فأن الولايات المتحدة الأميركية وروسيا يملكون 40,000 – 50,000 سلاح نووي, مما يوازي 15,000 ميغاتون من المقدرة التدميرية الكارثية, حيث أن قنبلة هيروشيما كانت تحتوي فقط على 0.3 ميغاتون. أن هذه 15,000 ميغاتون من الدمار الشامل منتشرة بين الأرض والبحر. فإن الغواصات الحديثة تستطيع أن تحمل 8 أضعاف قوتها النارية التي كانت قادرة عليه خلال الحرب العالمية الثانية, وباستطاعتها إطلاق صاروخ واحد قد يحتوي على 10 رؤوس نووية, كل واحدة منها قادرة على تدمير 10 مدنٍ مختلفة. فإذا إنفجرت حرب نووية عالمية, فإنها لن تدمر البشرية فقط, بل أنها قد تشق الكرة الأرضية وتتطاير صخوراً مشعةً الى الفضاء الخارجي. وفي هذه الحالة, فإن علاقتنا بالقمر والكواكب المجاورة كالزهرة والمريخ, ومع كل هذه الطاقة التي حولنا ستتغير بشكل مريع, مدخلةً نظامنا الشمسي في إضطرابات مؤثرة وإنشار واسع لمخلفات مشعة في المجرة بأكملها. إن إستمرارنا هذا بتدمير البيئة وتلويث الهواء والماء والأرض, وحتى دون حصول أي حروب عالمية ونووية, سينتج عنه تغيرات جيولوجية وتبدل في الدوران الأرضي وتعطيل في صلة الأرض مع الأجسام الآخرى من نظامنا الشمسي هذا.

عبر التاريخ, كان هناك عدة نبؤات تنذر بحدوث هكذا كوارث. فهناك توقعات لعدة أنبياء كإدغار كايسي, والمسيح في كتاب الوحي,  وإسياه في العهد القديم, نوستراداموس, والكثير غيرهم من العارفين. كما أنه تم ذكر هذه النبؤات بشكل قوي في كتب مختلفة للحكمة, ومنها للديانة البوذية.
فمن بين ألاف الحكم والتعاليم "السوترا" في الديانة البوذية, هناك إثنتان يتطرقان بالتحديد الى نهاية العالم. الأولى هي "سوترا ميروكو بودهيساتافا المنزلة," والتي تخبرنا عن مجيء ميروكو بودهيساتافا, أي بودا المستقبل الذي سوف ينقذ هذا الكوكب. وحسب هذه "السوترا," أن "ميروكو بودهيساتافا" يعلم ويهىء ألألاف من أتباعه في مكان ما في الجنة, وعند نهاية العالم, سيأتي ويخلص أناساً كثرين ويعم الوعي الروحي بين أبناء معظم هذه الأرض. كما أن هذه "السوترا" تصف بدقة نهاية هذا العالم وسبل خلاصه.
والسوترا الثانية هي "سوترا الزمن الذي تفسد فيه تعاليم بودا." فحسب هذه السوترا, أن كل تعاليم بودا سوف تنتهى في وقت من الأوقات, وفي ذلك الزمان سيواجه الإنسان والأرض كارثة كبيرة. كما أن هناك وصف دقيق لهذه المأساة وهذا البؤس, ملحقاً بوصف آخر عن زمن آخر يعم فيه السلام والصحة والصحوة الضميرية للوعي الروحي.
إن كل هذه النبؤات يمكن تفسيرها على أن الأنسان سوف يعي الحقيقة الكونية وسيتعلم مجدداً العيش بسلام وصحة وإنسجام مع الأرض. ومن الممكن أيضاً أن هذه النبؤات توقعت مجيء كائنات من البعد الآخر أكثر تطوراً من الناحية الروحية لإنقاذ الأرض ومن عليها في ذلك الوقت الحرج.
أني كعالم أميركي أسأل نفسي, إذا كانت هذه الكائنات الغريبة تود إنقاذ الأرض وسكانها, "فلماذا إختارت هذه الكائنات عدم الظهور العلني, أو حتى محاولة مقابلة الرئيس الأميركي أو أحداً من الأكاديمية الوطنية للعلوم, أو آحداً من أفراد الكونغرس؟" من الواضح لنا, بين كل هذه المشاهدات التي حصلت مؤخراً, أن هذه الكائنات الغريبة تتبع سياسة عدم التدخل بالأمور الأرضية. ربما لإحساس ما لديهم على أنه يجب علينا إجتياز محننا وصعابنا بأنفسنا.
فنحن من أنتج هذه الصعاب, ونحن من يجب تذليلها. إني كطبيب في الطب الطبيعي أعرف جيداً أن على المريض أن يتحمل مسؤلية وضعه الصحي ويغير في طريقة غذائه ونمط عيشه وتفكيره لتجنب المزيد من الأمراض. فإن باستطاعة الأخرين القيام بالتوجيه والنصائح اللازمة, ولكنه يبقى على المريض نفسه القيام بهذه التغيرات. فلهذا, نرى أن المطلوب منا ككائنات ذكية, الحد من هذه الطرق التي سوف تؤدي بنا الى دمار أنفسنا بأنفسنا, ومنع هذه الكارثة العالمية من حصولها. وأفضل طريقة لتحقيق ذلك هو أن يتم تحقيقه بأنفسنا, بدون تدخل آحدٍ في أمورنا. فإذا كنا غير قادرين على تغيير سلوكنا وجلب الدمار لأنفسنا, عندها هناك إحتمال مجيء كائنات آخرى من العالم الخارجي للتدخل ومساعدتنا, ولكن ليس بالضرورة بهدف المساعدة, بل المحافظة على سلامة النظام الشمسي ككل.
وربما أن هذه الكائنات لم تتدخل بشكل مباشر للأن, ولكن علها بدأت بمساعدتنا بشكل لطيف وهادىء ومن خلال توعية أفكارنا.
إن البحث عن هذه الكائنات الخارجية حثنا على الرجوع الى ماضينا القديم, ومن ضمنها أكلنا التقليدي للحبوب والحنطة الكاملة التي وجدت على الأرض منذ زمن بعيد كأساس بيولوجي للصحة والسلام. كما أنها كانت وقد ساعدتنا لتلقف مجريات الحياة المستقبلية وتوحيد البشرية جمعاء لتخطي الصعاب والإرتقاء نحو النجوم.





2



العلاج بالطاقة



كما أخبرتكم, كلنا أرواح تذوب في الهواء الخفيف:
ومثل هذه الرؤية العارية, فإن الغيم سيعلو الأبراج
والأماكن الفائقة الجمال
والمعابد الجليلة. هذا هو العالم العظيم,
وكل من يرثه, سيذوب
ويضمحل في هذا المهرجان المادي.
لا تترك الخيبة وراءك, فنحن نوع من المادة
كإستمرارية صنع الأحلام, وحياتنا الوجيزة هذه
يكملها النوم...

وليم شيكسبير


إن أجسامنا مؤلفة من ترليونات وترليونات من الذرات, إذ يبدو لنا أن الجسم مؤلف من أجزاءٍ مترابطة وسوائل وغازات. لكنه في الواقع ليس إلا كتلة من الطاقة والذبذبات الإرتجاجية. فكل خلايانا وأنسجتنا وعظامنا وأعضائنا مكونة من هذه الطاقة, وهي تعيش بحالة تغيير دائم.
لقد تم إستيعاب هذه الحقيقة منذ ألاف السنين من قبل الشعوب الشرقية. فاستعملوا كلمة "كي" لوصف هذه الطاقة الكونية التي يتكون منها كل عضوٍ من أعضاء جسم الإنسان, حيث طور نظام شامل للعلاج هذا مبني على وعيهم ومفهومهم للطاقة.
ما زالت كلمة "كي" تستعمل في البلاد الآسياوية على نطاق واسع. فإن المرض مثلاً في اليابان يسمى "بيو-كي," بما معناه أن هناك تشوشاً ما في الطاقة الجسدية. وأن الكلمة اليابانية للطابع الفردي هي "كي-شو," والتي تعني "طبيعة" أو طبع الطاقة عند هذا الإنسان. فإن قلنا "تن-كي" أم "كي السماوية" سيكون لهما المعنى ذاته. كما أنه يقال عن كل شىء له طبيعة مكتأبة أو مظلمة "ين-كي," بينما يقال عن كل شيء له طبيعة فرحة أو مشعة "يانغ-كي."

الأرض والسماء  
     
 
لقد فهم القدماء أن "كي" أو الطاقة محكومة بقوتين كونيتين: واحدة مصدرها السماء نزولاً الى الأرض, والآخرى مصدرها الأرض صعوداً الى السماء.
فالقوة السماوية الآتية مصدرها الحد اللانهائي للفضاء باتجاه المركز الوسطي للأرض, وتسمى الطاقة السماوية.
والقوة الأرضية المنبعثة من المركز الوسطي لباطن الأرض "القلب أو الصميم " باتجاه الحد الأقصى للفضاء تسمى بالطاقة الأرضية, حيث قوة الأرض هذه ناتجة عن دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس.
تأتي أو تنحدر القوة السماوية بشكل جاذب نحو المركز أو للداخل بشكل إنكماشي, حيث صنفها القدماء على أنها طاقة "يانغ." كما أنهم لاحظوا أن القوة الأرضية هي قوة مركزية طاردة نحو الخارج أو إنفلاشية, حيث صنفها القدماء على أنها طاقة "ين." كلتا هاتان الطاقتان تتجهان نحو سطح الأرض, فالأولى تأتي من الفضاء الخارجي, والآخرى تنبعث من باطن الأرض. من الواضح أن كل شيء على هذا الكوكب يعمل على أساس هاتين القوتين.

إن أكبر قوة طرد تبعثها الأرض هي في مناطق خط الإستواء. أما في القطب, وتحديداً في القطب الشمالي, يتم إستقبال أكبر قوة متدفقة من السماء. فهذه المواقع تتميز بالكثير من الطاقة على سطح هذه الأرض, ولكن  هذا لا يعني أن بقية المناطق على كوكبنا هذا لا يتمع بدرجة كافية من هاتين الطاقتين.

كل شىء على هذه الأرض, بما فيه الهواء والتربة والماء مكون ومحكوم بهاتين القوتين أو الطاقتين الصادرتين من السماء والأرض. كما أن كل شىء على هذا الكوكب مؤلف من هاتين القوتين المتقابلتين والمكملتين لبعضهما البعض في الوقت ذاته. بمعنى آخر, أن كل شىء قابل للإنكماش والإنفلاش منه وإليه.
فبهذه الطريقة, نستطيع القول أن كل ما نراه على هذا الكوكب من نباتات – حيوانات - تيارات مائية في المحيطات – غيوم, أو حتى تطور حضاري أو نمو ثقافي محكوم بهاتين القوتين: السماوية التي هي "يانغ" والأرضية التي هي "ين."
إن هذه الطريقة في التفكير ليست متناقدة مع الأفكار القديمة في الغرب. ففي التوراة ورد أن في البدء, خلق الله الأرض والسماء, وبعدها تم تكوين كل شيئ آخر. إن هذا يتطابق الى حدٍ كبير مع ما ورد من تعاليم في الشرق الأقصى. فالسماء تعني كل هذه المؤثرات السماوية المنبعثة باتجاه الأرض. والأرض تعني كل هذه المؤثرات الإنفلاشية المبذولة باتجاه آقاصي الفضاء الخارجي.
إن القوة الأرضية تلعب دوراً مؤثراً بالنسبة الى النباتات ونمو الأوراق والأزهار, بينما القوة السماوية تلعب دوراً أكبر بالنسبة الى الجذور. كما أن المفهوم نفسه ينطبق على الإنسان أيضاً. فقوة الأرض تلعب دوراً مؤثر في رأس الإنسان, فتكون الطاقة صعوداً, بينما القوة السماوية تلعب دوراً أكبر بالنسبة للجسم, فتكون الطاقة نزولاً. إن التقدير الحالي للقوة الآتية من السماء هو تقريباً 7 مرات أقوى من القوة المنبعثة من الأرض. وإن مدى قوة الأرض بالنسبة الى قوة السماء يبلغ حوالي 1-5 الى 1-10.
إن قوة الأرض المتصاعدة تدفع بشعر رأسنا الى النمو, وتدفع الأعضاء التناسلية عند المرأة الى التطور صعوداً. فترتفع الطاقة صعوداً الى اللسان مما يدفع اللسان الى النشاط والحركة. أما شعرها فإنه ينمو أطول, وغالباً ما  تنتعل حذاءً مرتفعاً. أما بالنسبة الى الرجال, فطاقتهم أكثرها نزولاً, ولهذا ينتعلون الأحذية المنخفضة, وأصواتهم عميقة وخافتة, والشعر ينمو في وجوههم وأجسادهم. كما أن القوة السماية هي سبب بروز الحنجرة أو "الجوزة" في رقبة الرجال, وبروز آخر في الأعضاء التناسلية في الجزء السفلي من أجسامهم. 
السماء والأرض هما المصدران الرئيسيان للطاقة ولكل مهمات أعضائنا وأجسادنا. إنه ينبوع من الطاقة والنشاط يدخل ويتوزع في أجسادنا, وخصوصاً من خلال المسار المركزي والأساسي الموجود في صميم الجسم. فعندما تصطدم هاتان الطاقاتان على هذا المسار المركزي والأساسي, ينتج عن ذلك الأصطدام مراكز طاقة عالية الشحنات والمعروفة "بالشكرات." هناك 7 من هذه المراكز في المسار المركزي للجسم, والتي تتجمع فيها شحنات عالية من الطاقة. عندما تتصادم هاتين القوتين السماوية والأرضية في هذه "الشكرات," ينتج عنها ذبذبات لولبية من الطاقة. كما أن الطاقة تدخل الى الجسم وتخرج منه أيضاً من خلال الأيدي والأقدام, لتشحننا بالطاقة اللازمة وقوة الحياة.
إن القوة السماوية تدخل الجسم من خلال "الشكرة الأولى" الموجودة في أعلى الرأس, حيث تطوف الى الداخل وتشحن "الشكرة الثانية أو ما يسمى العين الثالثة" الموجودة في وسط العقل لتغذي كل الخلايا الدماغية, ليتم إستقبال وقراءة كل هذه الذبذبات من قبل الخلايا الموجودة في الدماغ كالتلفاز, وتحولها الى موجة ما, كي يتم بعدها الى تحويلها الى أفكار وتصورات. فإن العقل لن يعمل بدون هذه الشحنات من الطاقة التي تؤمنها وتغذيها هذه "الشكرات" الموجودة في أعلى الرأس ووسط العقل.

وأيضاً, بدون "الشكرة الثالثة" الموجودة في الحنجرة, فإن الغدة الدرقية لن تفرز أي هورمونات, ولن تقوى الحبال الصوتية على الكلام.

وفي الصدر أيضاً, هناك القلب والرئتان اللذان يتمددان ويتقلصان لإن "الشكرة الرابعة" الموجودة في منطقة القلب تغذيهم بالطاقة اللازمة. أما الإفرازات الهورمونية للبانكرياس والعصارة المعدية تنتج من جراء النشاط الذي تؤمنه "الشكرة الخامسة" التي هي في منطقة المعدة.

وفي منطقة الإمعاء, هناك "الشكرة السادسة" التي تؤمن الطاقة اللازمة للإمعاء, لهضم وإستيعاب الأغذية. هذه "الشكرة" تعرف ببلاد الشرق الآقصى "كي-كاي," أو " المحيط الأكبر من الطاقة," حيث تعمل على زرع الخصوبة في بويضة الإمرأة أيضاً. إن سلسلة تطور الحياة الجديدة للإنسانية تمر من خلال شحنات مكثفة من الطاقة السماوية والأرضية في هذه المنطقة من العالم الإنساني.

وأخيراً, إن الطاقة الناتجة عن "الشكرة السابعة" والموجودة عند الأعضاء التناسلية – والتي تدخل منها القوة الأرضية وتخرج القوة السماوية, تنتج عنها طاقة الرغبات الجنسية. فعند الرجال, يتم شحن هذه الشكرة السابعة من القوة السماوية. أما عند المرأة, فيتم شحنها من القوة الأرضية لينجذب هذان القطبان المتقابلان وينتج عنهما هذا الجماع المشترك لطاقة موحدة من خلال العملية الجنسية.

إن نظام الطاقة في جسمنا هذا متصل بأنظمة آخرى للطاقة, كالطبيعة والأرض. فالطاقة تصل الى القطب الشمالي والجنوبي والى باقي بفاع الأرض بشكل لولبي جاذب نحو المركز, فيتكوٌن الداخل أو الصميم, أو اللب والقشرة الأرضية. كما أن هذه العملية تأخذ النمط ذاته بالنسبة لمختلف أنواع الخضار والفاكهة والبشر.
فعلى سبيل المثال, إذا أخذنا تفاحة, حيث أن البذور تتمثل بصميم الأرض, ولبها يتمثل بلب أو داخل الأرض, والقشرة تتمثل بقشرة سطح الأرض. أما بالنسبة الى جسم الإنسان, فإن الطاقة التي في صميم الأرض تتمثل بالشكرات الموجودة في المسار المركزي والأساسي للجسم, بينما الأعضاء الداخلية والأنسجة تتمثل بلب الأرض. والجلد يتمثل بالقشرة الأرضية. أما الأمكنة التي تدخل وتخرج منها الطاقة السماوية والأرضية – أي الشكرة التي في أعلى الرأس والشكرة التي في أسفل الجسم عند الأعضاء التناسلية – فيتمثلا بالقطب الشمالي والجنوبي للأرض, حيث أعلى نسب للطاقة متوافرة هناك.

إن الشفق القطبي الشمالي, أو الذي يسمى "الأضواء الشمالية," يشع نوراً وطاقة فوق القطب الشمالي. والشفق القطبي الجنوبي يشع نوراً وطاقة فوق القطب الجنوبي. يعتقد العلماء أن هذا الوهج من النور يتكون عندما تصل جزيئات عالية من الطاقة الشمسية وتتصادم مع ذرات وجزيئيات في الجو الأعلى. إن هذه الجزئيات من الطاقة المؤلفة بأكثرها من "الإلكترون والبروتون" تصلنا من الشمس بشكل مستمر كجزء من "الرياح الشمسية." عندما تقترب هذه الرياح الشمسية من الجوار الأرضي, تنصب على القطبين بفعل دورانها اللولبي.

كما أن فوق رأس كل شخص منا حقل من الطاقة, والتي تعرف بالهالة. هناك أشخاص متمرسون يستطيعون رؤية هذه الهالة التي تشع منها عدة ألوان, كلٍ حسب صحته الجسدية والعقلية. فالهالة القوية ينتج عنها لون ذهبي - أبيض. أما إذا كان لون الهالة مائل الى الظلال الداكنة, ففي أغلب الأحيان هذا يعني أن هناك خلل ما في التوازن الجسدي أو العقلي لهذا الإنسان.   
              

                          
مواقع الشكرات السبع
         
          
كما أنه يمكننا الإستمرار في هذه المقارنة لأبعد من ذلك. فهناك خطوط كهرومغناطيسية تشع من داخل الأرض الى خارجها, متجهةً من الشمال الى الجنوب. خطوطٌ مشابهة لتلك يمكننا رؤيتها على اليقطين والكوسا والبصل والبطيخ وغيرها من الفاكهة والخضار. هذه الخطوط المشحونة بالطاقة تسمح للقشرة الأرضية لأن تبرز الى الخارج, حيث تتكون المرتفعات الأرضية كنتيجة لهذه العملية. وهذا ما يحصل أيضاً في قعر البحار والمحيطات وكل الجبال كالهملايا وغيره من الجبال المرتفعة عن سطح الأرض.
إن الكثير من الجبال الموجودة على سطح الأرض وفي قعر المحيطات بركانية وناشطة. عندما تنحدر هذه الموجات القوية عبر القطب الشمالي والجنوبي الى داخل الأرض ينتج عنها حرارة عالية وحركة ناشطة, مما يؤدي الى ذوبان نصفي لبعض العناصر الأرضية الداخلية. إن هذه القوة تشحن باطن الأرض بالطاقة التي تتجه بدورها الى قمم الجبال, حيث في وقت من الأوقات تثور وتخرج هذه الطاقة وتنفجر بالشكل البركاني الذي نعرفه.

وكل بضعة ألاف من السنين, وبينما الأرض تدور على محورها يحدث شيء مستغرب, إذ يبدل محورها موقعه, مسبباً تغييراً في الدوران الأرضي. إن هذا التبديل في المحور يحصل في خلال أيام معدودة, وهو شبيه بالتعثر والهبوط اللولبي, حيث ينقلب الرأس الى الجنب ويبدأ الدوران باتجاه مختلف. لقد سبق وأن بدلت الأرض محورها هذا لعدة مرات في الماضي, مما نتج عنه تحرك لبعض الجبال من الشرق الى الغرب, وآخرى من الشمال الى الجنوب, والبعض الآخر تحرك ما بين هذا وذاك.

كان القدماء يعرفون جيداً أن للأرض نظام خفي للطاقة. فالجبال مشحونة ومفعمة بهذه الطاقة القوية, لهذا كان الناس يذهبون غالباً الى الهملايا والأنديز وجبال الصين واليابان لممارسة التأمل والنشاطات الروحية الآخرى. ففي اليابان, يذهب هؤلاء الى الجبال لكسب المقدرات الروحية, وهم يعرفوا "بسين-نين." وهم أناسٌ نادراً ما يختلطون مع الأناس العاديين, وحسب ما قيل عنهم, كان لديهم قدرات وطاقات تفوق البشر العاديين, كالقدرة على الطيران, وتحويل المعادن الى ذهب, والعيش لبضعة مئات من السنين. هذه المقدرات تشبه تلك التي نسبت لبعض "اليوغيز" الذين عاشوا في جبال الهملايا.

إن الجسم أيضاً له نظام مؤلف من مسارات عالية الشحن للطاقة. فكما ذكرنا سابقاً, أن الطاقة تدخل الى الجسم عبر القطبين الشمالي والجنوبي, شاحنةً الشكرات السبع الأساسيات, الأعضاء, وكل أنشطة الجسم. فهي تشع من المسار الأساسي في الجسم الى باقي أنحائه كالطاقة التي تشع من قلب باطن الأرض الى الخارج. إن هذه المسارات التي تشع طاقة عالية الشحن أسمها "ميريديان." كما وأن هناك العديد من النقاط التي تحتوي على شحنات عالية من الطاقة موجودة أيضاً على هذه المسارات والتي تسمى " الميريديان," حيث هناك دفق من الطاقة الى داخل الجسم من خلال هذه النقاط نتيجة البيئة المحيطة بنا. كما أن هناك دفق خارجي للطاقة من الجسم يتم أيضاًً من خلال هذه النقاط. فإن هذه النقاط تشبه  آفواه البراكين في طريقة عملها, وهي تسمى "نقاط الميريديان." فهي المراكز الحساسة التي يتم من خلالها العلاج بوخز الأبر والشيياتسوا, وعدد من الطرق التقليدية الآخرى التي تستعمل في العلاج وعودة التوازن الطبيعي من الطاقة الى الجسم.

كما يمكننا أيضاً مقارنة طاقة الجسم مع تلك التي عند النباتات. فالنباتات لها جذور في الأرض, والطاقة المندفعة من الأرض تتسبب في نمو تصاعدي. ولكن جذورنا نحن في السماء, مما يسمح لنا بالتغذية من هذه الطاقة الكونية من خلال الشكرة الموجودة في أعلى الرأس. حتى أن كل شعرة من شعرات الرأس هي نقطة مساعدة لوصول هذه الطاقة السماوية إلينا. فعند النباتات, تتدفق الطاقة من الجذور صعوداً, بينما في جسم الإنسان, تتدفق الطاقة من الرأس نزولاً لتغذي المسار الأساسي للشكرات الأساسية والمركزية, الأعضاء, والأطراف في جميع أنحاء الجسم.
فإن طاقة النباتات "ين" وهي إنفلاشية, حيث تتدفق الطاقة اللولبية صعوداً عبر الساق لتكون الأغصان والأوراق. أما جسم الأنسان فهو متضام بشكل أكبر, حيث تدخل الطاقة اللولبية عبر المسارات الميريديانية لتشكل وتغذي الخلايا والأنسجة. بكلام أخر, إن الطاقة تدخل عبر المسار الأساسي والمركزي للشكرات السبع ليتوزيع على 14 مساراً رئيسياً أو "ميريديان," حيث تسير مباشرةً تحت سطح الجلد لتتوزع على ملايين وملايين من المتفرعات الصغيرة والتي هي بدورها تصل وتغذي كل خلية من خلايا الجسم.
       
إن أوراق النباتات تفتح بطريقة إنفلاشية, بينما خلايا جسم الإنسان تتطور  بطريقة إنكماشية. فإن الطاقة السماوية الآتية من أقاصي الفضاء, والطاقة الأرضية المنبعثة من الأرض تقومان بشحن دائم لكل خلية من الجسم بقوة الحياة. كما أن هذه الخلايا تتغذى أيضاً عبر الطاقات المادية, كالأوكسجين والأغذية المتنوعة التي تتوافر لها عبر الدورة الدموية. إن حياتنا وصحتنا تعتمد على هذا الإنسجام المتوازن بين هذين المصدرين من الطاقة:

الأول هو التدفق المساري من البيئة الكونية المحيطة بنا, والثاني هو الذي ينتج عن التحولات الكيميائية لشتى الأطعمة المختلفة.
كما أن الطاقة الأرضية تتوزع عبر قمم الجبال, أو الميريديان, فإن هذه المسارات الخفية تشكل شبكةً من الطاقة على سطح هذا الكوكب.

كان القدماء مدركين لهذه المسارات الخفية, وكثيراً ما أخلوا المساحات فوقها. كما أنهم قاموا بربط هذه المنشآت الميغاليثية بين بعضها البعض, مثل الحجارة المعلقة التي وجدت في الجزر البريطانية وأوروبا وجبال الأنديز. ففي غرب بوليفيا, تسمى هذه المسارات "تا-كيس," والتي تعني عند الهنود المحليين "المسار الروحي." والمثير للإهتمام, إن الكلمة "كي" كانت تستعمل من قبل الأنديز أيضاً لوصف الطاقة أو الروح بنفس الطريقة التي إستعملها اليابانيون.
غالباً ما كان القدماء ينشأون الحجارة المستديرة والمعابد والمقابر على نقاطٍ يلتقي عندها مساران للطاقة أو أكثر. ففي عام 1970, قام المكتشف  البريطاني بأخذ بعض الصور بالأشعة ما دون الحمراء, فوجد العديد من هذه المسارات التي تشع من معبد الشمس لقبيلة الإنكا في كوزكو, البيرو, حيث قاموا بعدها بتشييد الكثير من الكنائس على هذه المواقع, أكثرها كنائس شيدت في العصور الوسطى في ألمانيا, أنكلترا, إيرلندا, وجميع أنحاء أوروبا. كما أنه شيدها الإستعمار الإسباني في أميركا الوسطى و أميركا الجنوبية. فكان للقدماء هذا الإحساس المرهف لطبيعة الطاقة في تلك المناطق والجبال التي إعتبروها طاقة مساعدة للنمو الروحي.


العالم الصغير يشبه العالم الكبير
     

إن النظرة العلمية الحالية لجسم الإنسان أكثره تشريحي وميكانيكي. لقد وصلوا الى ما هم عليه بتقسيم الأنسجة الميتة الى عدة أجزاء وإعطائها أسماء مختلفة, مثل الرئة, الكبد, أو خلية الدم. حتى أصبحنا جميعاً اليوم نفكر بنفس الطريقة, فنشير الى ملامحنا الخارجية بإستقلالية تامة, مثل هذا شعري, يدي, أنفي, وهكذا دواليك. فبكل الأحوال, إن النظر الى الوجود بهذه الطريقة المجزئة يفوت علينا المعنى الحقيقي لطبيعة هذا الجسم الإنساني الحي.
فعندما ننظر الى جسم الإنسان, نرى إنه يعيش ضمن هذه البيئة الكبيرة  ويتبادل معها الطاقة باستمرار دائم. طبعاً, إن الإنسان غير قادر على العيش بدون قلب, كبد, أو دم. فإذا نزعت منه هذه الأعضاء الحيوية لقضي عليه. لنفترض أننا نزعنا الشمس والمجرات والفضاء من الوجود – فماذا سيحدث؟ فلن يستطع الإستمرار بالحياة أيضاً. إذاً أين هو هذا الجسد الحقيقي: هذه المجموعة من المواصفات الداخلية والمواصفات الخارجية؟ أي منهما هو حقاً هوية الإنسان؟
بالحقيقة, كلاهما معاً. فالشكل المصغر للإنسان والبيئة الكبيرة هذه مكونان معاً وبالمبدء ذاته. فإذا نظرت الى شعرة إنسان تحت المجهر, ستندهش لقرب التشابه بينها وبين الشجرة. فكلتاهما مكونتان بشكل لولبي. إن المحتوى الرئيسي للشجرة له صلة بالكاربوهيدرات, بينما شعرة الرأس لها صلة بالكيراتين, وهو نوع من البروتين. إن هذه المركبات العضوية مكملةً ومتناقضةً لبعضها البعض. فالشكل وطريقة النمو لهذين المركبين يتشابهان نسبياً, أما الإختلاف فهو في القياس أو الحجم.
أيضاً, كما النمو عند النباتات, فإن نمو الشعر يمر بمتغيرات موسمية. ففي موسم الصيف, نأكل الكثير من أصناف "الين" في وجباتنا اليومية للتكيف مع طقس أكثر دفئاً. إن إستهلاكنا اليومي لهذه الأطعمة يولد طاقة حرارية عالية في أجسادنا مما يجعل إستهلاكنا لها يتغير تلقائياً. ومن إحدى الطرق التي نتبعها للتأقلم مع الطقس الحار هو الأكل بنسب أقل. وأيضاً هناك طريقة آخرى تحصل من تلقاء ذاتها وهو نمو الشعر سريعاً في الرأس والجسم. وزيادة على ذلك, إن طاقة "الين" المتصاعدة من الأرض تكون الأقوى في فصل الربيع وفصل الصيف. لهذا نجد أن تزايد طاقة "الين" في تلك الفصول يجعل الشعر والنباتات أكثر نمواً وأكثر خصوبةً. ففي فصل الخريف وفصل الشتاء تكون الطاقة السماوية في منحاها الأقوى. هذا ما يؤدي الى تباطؤ في نمو الشعر, وفي نمو النباتات وكثافتها. وفي فصل الشتاء يتزايد إستهلاكنا للأطعمة التي تحتوي على طاقة عالية وذلك للتكيف مع الطقس البارد. حيث يتزايد إستهلاكنا للمأكولات نسبياً, دون أن يساهم ذلك في نمو سريع لشعر الرأس أو الجسم.
كما أن جذور النباتات مطمورة بالتراب, فإن جذور الشعر مغلفة بجيوب لها. تتغذى هذه الجذور عبر شعيرات دموية دقيقة تصل الى البصلة نفسها. فكما أن النباتات تعتمد على نوعية الغذاء الموجود في التربة, إن الشعر يعتمد بدوره على نوع الغذاء الذي تنقله له الدورة الدموية. وبذلك فإن نوعية المأكل والمشرب الذي نستهلكه يحدد صحة ومظهر الشعر.

إن عدد البراكين الموجودة حول العالم تتطابق مع عدد النقاط 400 التي تسمى "تسابو" والموجودة على مسارات الطاقة "الميريديان" من جسمنا هذا. بالواقع, إن التفسير الصحيح لكلمة "تسابو" هو "حفرة" وليس "نقطة." إن "تسابو" هي حفرة حيث تدخل وتخرج منها الطاقة "كي" الى الجسم, بنفس الطريقة التي تخرج الحمم البركانية من البراكين, فتجري تحت سطح الأرض أنهراً من هذه الحمم الصخرية الذائبة التي تغذي البراكين ولتتطابق هذه الأنهر مع هذه المسارات الخفية "المريديان" التي تجري تحت جلدتنا مباشرةً.

عندما بدأت الحياة في هذا المحيط الأكبر, تكرر كل شيء في داخلنا. فإن الدم هو تكرار لهذه المحيطات القديمة التي تطورت منها سلسلة من الحياة على وجه هذه الأرض. فعند حدوث جرحٍ ما, تقوم أجسادنا بإفراز مادة لنفاوية شفافة أشبه بالمياه العذبة التي تختزنها الأرض. فإن أوعيتنا اللنفاوية تجري في أجسادنا بحيث أنها تتصل في النهاية بالمجرى الأساسي للدم, بنفس الطريقة التي تجري بها المياه الجوفية في باطن الأرض لتصب بالنهاية في البحار والمحيطات.
وماذا عن الهواء؟ إن تنشقنا للهواء يغذي وينعش كل خلية من خلايا أجسادنا. وماذا أيضاً عن هذا الكم الهائل من النجوم التي تسبح في الفضاء؟ إنها تشبه هذا الكم الهائل من الخلايا التي تسبح أيضاً في أجسادنا.

عندما بدأت الحياة على هذا الكوكب منذ 3.2 بليون سنة تقريباً, كانت تركيبته مؤلفة من خلية واحدة فقط. ففي ذلك الوقت, كان الجو الأرضي كثيف وسميك, بحيث أن الشمس وحدها أستطاعت بأشعاعها القوي إختراق سطح الأرض والتأثير على تكون الخلايا. ولكن بعدها, عندما أخذ الجو الأرضي يصفى تدريجياً, أصبح من الممكن لأشعاعات منبعثة من كواكب ونجوم وأجسام كونية أخرى من إختراق الأجواء الأرضية بدورها, متصلةً ومكونةً خلايا خاصة بها بشكل أوسع وأوسع, الى أن أخذت الحياة أشكالاً معقدة, فتكونت أعضاء حية متعددة-الخلايا.
ففي الليل, يمكننا رؤية مجموعات هائلة من النجوم والمجرات. مجرات تتمثل بأعضائنا العديدة وغددنا وعضلاتنا ومن هذا الكم الهائل من الخلايا, حيث أنه بين كل هذه المجرات تيارات سريعة جداً من الطاقة الألكترومغناطيسية التي تتمثل بالذبذبات والتيارات العصبية التي تطوف وتتصل بكل جزء من أجزاء أجسادنا.
إن أجسادنا الصغيرة هذه شبه مصغر أو مكثف لطبيعة هذا الكون بتكوينه. فالداخل يتساوى مع الخارج, والكبير يتساوى مع الصغير, والصغير يتساوى مع الكبير. وعندما نتكلم عن الأنسان, أو عندما نفكر بمستقبل الإنسانية, فإننا بالحقيقة نتكلم عن مستقبل الكون نفسه. ليس هناك تمييز أو فصل بين الإنسان وبيئته, فكلاهما قريب وبعيد.


التركيبة العضوية


كل شيءٍ على هذا الكوكب مكون من هاتين الطاقتين "السماوية والأرضية," أو يمكننا القول "طاقة الين" "وطاقة اليانغ." فليس هناك شيئ مكون بشكل خاص من الطاقة السماوية وحدها, لأنه بذلك سيذوب ويصغر ويتقلص الى درجة الإضمحلال اللانهائي. كما أنه ليس هناك شيئاً مكوناً بشكل خاص من الطاقة الأرضية وحدها, لأنه بذلك سيكبر الى درجة الإندماج الأكبر اللانهائي.
لهذا, نعرف أن الطاقة السماوية والطاقة الأرضية حاضرتين في كل الأوقات وموجدتين بكل شيء في هذا الوجود, ولكن بنسب متفاوتة بين شيئ وآخر. فهناك ما يحتوي على الطاقة الأرضية بدرجات اعلى, وهناك أيضاً ما يحتوي على الطاقة السماوية بدرجات أعلى, ولكن كلتا الطاقتان موجودتان معاً. وبما أن ليس هناك شيئان يحتويان على نفس النسب من الطاقة الأرضية والطاقة السماوية, فليس هناك أي شيء يشبه أي شيء آخر, فكل شيء مختلف عن كل شيء آخر.
بالطبع, نجد أن هناك أشياء كثيرة متشابهة الى حدٍ كبير في هذا الوجود. فإن البشر يبدون لنا متشابهين لحدٍ كبير عندما نقارنهم مع البقر أو التماسيح, علماً أن هناك البلايين من البشر, ولكن ليس هناك بشرياً يشبه الآخر بالتمام والكمال. حتى قبل أن ننظر إليهم, نعرف أن مكان وتاريخ ووقت ولادتهم سيكون مختلفاً, طريقة مضغهم للطعام, إهتماماتهم المختلفة, إلخ إلخ إلخ. ومع كل هذه الإختلافات فيما بينا, يبقى أن كل فردٍ منا مكون من هاتين الطاقتين الأساستين. وإن هذا الإختلاف سببه هذا التفاوت في نسب هاتين الطاقتين الكونيتين فينا. والآن تعالوا نطبق هذا المبدء ونرى ما مدى تأثير هاتين الطاقتين على أعضائنا الداخلية وتركيبة أجسادنا ككل.

إن الرئتان لا تحتويان حصراً على إحدى هاتين الطاقتين. فكلتاهما موجودتان, ولكننا سنجد أن هناك طاقة على قدر أكبر من السيطرة. أيهما يا ترى؟ إن القوة الأرضية أكثر فعالية في الجزء الأعلى من الجسم, فبالتالي ستكون أكثر سيطرةً وأكثر تأثيراً على النظام الرئوي. إن طاقة الأرض تدخل الجسم من القدمين عن طريق الشكرة السابعة الموجودة عند الأعضاء التناسلية, لتتجمع وتستقر مؤقتاً في الشكرة السادسة عند الإمعاء. ومن هناك تستمر صعوداً من خلال المسار المركزي والأساسي الذي تكلمنا عنه سابقاً. وبما أن الأرض تدور على نفسها, فإن هذه الطاقة تتحرك باستمرار بطريقة تصاعدية ولولبية.

لنفهم الفكرة بشكل أوضح, تعالوا نأخذ الإمعاء الغليظ الموجود في الأسفل المقابل للرئتين. إن الرئتين موجودتين في أعلى الجسم, وهما يمتصان ويحرران الغاز الذي هو "أكثر ين," بينما الإمعاء الغليظ موجود في أسفل الجسم وهو يتعامل مع السوائل والجوامد وهو "أكثر يانغ." إن الرئتان هما من الأعضاء المزدوجة والكثيفة, بينما الإمعاء الغليظ هو عضو منفرد وطويل. أيهما من الطاقتين أقوى في الإمعاء الغليظ؟ إن الطاقة السماوية أقوى في الجزء الأسفل من الجسم وفي الإمعاء الغليظ تحديداً. مع العلم أن الطاقة السماوية أقوى هناك, إلا أن الطاقة الأرضية تأتي من تحته لتحمله وتجعله أقل إنحداراً الى الأسفل.
إن الطاقة الأرضية تتسبب في جعل الإمعاء الغليظ مرتفعاً من الجهة اليمنى من الجسم. ففي المنطقة الوسطى من الجسم, يمتد الإمعاء الغليظ بطريقةٍ مسطحة, حيث يلتف ويبدأ إنحداره ليمتد الى الجهة اليسرى بإنحدارٍ كامل.  للأمعاء الغليظ قدرة على الإنحدار الى الأسفل بشكل عام, ولكن بسبب هذه الطاقة الأرضية الصاعدة يعجز عن الإنحدار بأكمله الى الأسفل. وهذا أيضاً يتوقف على الجهة اليمنى أم الجهة اليسرى من الجسم, حيث الطاقة الأرضية هي الأقوى فيه.
إن طاقة الأرض التصاعدية هي الأقوى في الجهة اليمنى من الجسم, بينما الطاقة السماوية هي الأقوى في الجهة اليسرى من الجسم.
أما بالنسبة الى الإمعاء الدقيق. فإنه يمر بنفس الظروف, حيث ينحدر في نهاية المطاف الى الأسفل. مما يعني أن الطاقة السماوية هي الأقوى أيضاً هناك. لذا نرى أن الأمر ذاته ينطبق على الإمعاء الدقيق.

إن للكبد تركيبة أكثر "يانغ." فهو متماسك وجامد. لهذا, نرى أنه مكون من طاقة لولبية مركزية وإنفلاشية. والعكس صحيح بالنسبة الى المرارة, فهي جوفاء بنسبة أكبر. لهذا, نرى إنها مكونة من طاقة لولبية طاردة مركزية آتية من أقاصي الفضاء. إن الكبد والمرارة مختلفان بالتكوين, ولكنهما يعملان كوحدة واحدة.
في المجمل, إن الطاقة الأرضية هي الأقوى في الأعضاء المزدوجة, بالرغم من تقسيم الجسم الى مناطق علوية ومتوسطة ومنخفضة, حيث أن المناطق المنخفضة مشحونة من الطاقة السماوية, والمنطقة الوسطى متعادلة نوع ما بين هاتين الطاقتين, والمنطقة العليا قوية بالطاقة الأرضية. ولكن, بما أن الجهة اليمنى من الجسم أكثر تأثراً بالطاقة الأرضية, فالكبد والمرارة مشحونتان الى حدٍ كبير بالطاقة الأرضية التصاعدية.

إن الطحال والبنكرياس موجودان في الجهة المقابلة للجسم, حيث نجد هناك أيضاً عضواً مجوفاً بشكل كبير, وهو المعدة. إن الطحال والبنكرياس أكثر "يانغ," فهي أعضاء ضيقة ومكونة بشكل لولبي مركزي وإنكماشي. أما المعدة فهي منفتحة ومجوفة ومكونة بشكل لولبي طارد ومركزي. ففي المجمل, إن هذه الأعضاء تتأثر بالطاقة السماوية التي تمر من الطرف الأيسر من الجسم.

يقع القلب في الوسط على المسار الأساسي لشكرة الصدر. ومع العلم أن القلب مؤلف من أربعة تجاويف مختلفة, إثنتان من كل جهة, لكنه يعمل كوحدة واحدة. فالتجاويف الموجودة من الجهة اليمنى تعمل على جمع الدم وإرساله الى الرئتين. أما التجاويف الموجودة من الجهة اليسرى للقلب فهي تعمل على ضخ هذا الدم المنتعش القادم من الرئتين الى جميع أنحاء الجسم. وزيادة على ذلك, يستمد القلب طاقاته"الأرضية والسماوية" بشكل مباشر وقوي من خلال المسار الأساسي والمركزي, حيث يقوم  بدوره بتوزيع هاتين الطاقتين من خلال الدورة الدموية الى كل خلية من خلايا الجسم التي لا تعد ولا تحصى.

بالرغم من أن كل جهة من القلب تعمل بطريقة مختلفة, إلا أن الجهة اليمنى للقلب تعمل بطريقة "اليانغ," فتجمع الدم من آقاصي الجسم باتجاه القلب. علماً أن هذه الجهة من القلب هي "أكثر ين" – أكثر إنفلاشاً – للقيام بذلك. فبالتالي إن الجهة اليمنى من القلب أكبر من الجهة اليسرى وهي مشحونة بشكل أكبر من الطاقة الأرضية.
أما الجهة اليسرى, صحيح أنها تعمل بطريقة "الين," فهي تقوم بضخ الدم من القلب الى آقاصي أنحاء الجسم. إلا أن هذه الجهة من القلب هي "أكثر يانغ" – أو إنكماشاً. فالجهة اليسرى من القلب تتمتع بسماكة أكبر وعضلات أقوى. فإن هذه الإنقباضات القوية المشحونة من الطاقة السماوية والتي تتميز بها الجهة اليسرى من الجسم تحمل هذا الجزء من القلب على القيام بدوره هذا.
إن الطاقة السماوية والطاقة الأرضية يعملان جنباً الى جنب في القلب ككل, ولكن أي منهما هو الأقوى فيه؟ إن كفة ميزان طاقة الأرض أرجح بقليل من كفة الطاقة السماوية, وهذا بعود تحديداً الى مكان وجود القلب في الجزء الأعلى من الجسم.
فكما رأينا, إن طاقة الأرض طاقة صعود من الجهة اليمنى للجسم, وطاقة السماء طاقة إنحدار الى الجهة اليسرى من الجسم. فمن الطبيعي أن نرى فرقاً بسيطاً بين الكلية اليمى واليسرى. فكيف يظهر لنا هذا؟ إن الحجم,  الشكل, الموضع, والعمل يختلف إختلافاً بسيطاً بين كليةٍ وآخرى. فإن الكلية اليمنى أكثر إنفلاشاً و أعلى موضعاً من كلية الجهة اليسرى والتي هي بدورها أكثر إنكماشاً وأدنى تموضعاً في الجسم.
إذاً, إن الكلية اليسرى "أكثر يانغ," والكلية اليمنى "أكثر ين." كما أن حجم وشكل خلايا كل كلية وعمل كل منها يختلف إختلافاً بسيطاً.

لا يوجد شيئان في هذا الكون متشابهان بالتمام والكمال. وهذا ينطبق أيضاً على المبيض الأيمن والأيسر, الخصيتين, فتحات الأنف, الأقدام, العيون, وكل الأعضاء المزدوجة في جسمنا هذا. يمكننا مشاهدة هذا عندما ننظر وندقق بالأشخاص الذين نلتقيهم كل يوم. فليس هناك شبه كامل في هذه الطبيعة. إنها مجرد فكرة وهمية موجودة فقط في العقل البشري.



 طاقة أرض "ين"                                طاقة سماء "يانغ"

الرئتان                                                 الإمعاء الغليظ
الكبد                                                   الإمعاء الدقيق
المرارة                                                 الطحال والبنكرياس والمعدة
الجهة اليمنى من القلب                          الجهة اليسرى من القلب
الكلية اليمنى                                        الكلية اليسرى

بعض الأعضاء وتأثرهم بالطاقة



إن مفهومنا للجسم كطاقة ليس إلا جزءاً من المفاهيم القديمة للطاقة "كي." لقد أعطى هذا العلم تقدماً مهماً لنظام علاجي أكثر عمقاًً وأكثر شموليةً, مرتكزاً على هذه المقدرة الإستيعابية للطبيعة البشرية والطبيعة الكونية ككل.




العلاج بالطاقة


إن الطعام شكلاً مكثفاً من أشكال الطاقة. فهو يمثل عملية تبلور أشعة الشمس والهواء والماء والتربة, ويوفر المادة التي تتكون منها أجسامنا الفيزيائية. فإن نوعية الغذاء تحدد نوعية الدم, الخلايا, الأنسجة, والوضع العام لصحتنا وأجسادنا.

تحفز بعض الأطعمة الطاقة السماوية والبعض الآخر يحفز الطاقة الأرضية. فلنأخذ مثلاً جذور الزنجبيل. أي طاقة يحفزها هذا النوع من الأطعمة؟ إن الزنجبيل يحتوي على طعم مطيب وقوي, وميال للإنتشار ويحفز لمزيد من الطاقة الأرضية, مما يجعل الدم والطاقة يطوفان وينسابان باتجاه الناحية السطحية للجسم. ومن الجهة الآخرى, إن اللحوم كثيفة للغاية. إذ هي تحفز الطاقة السماوية, كما يفعل الملح والذي هو مادةً إنكماشية أيضاً. ففي المجمل, إن الأطعمة النباتية تحفز الطاقة التصاعدية - الإنتشارية, بينما الأطعمة الحيوانية تحفز الطاقة الإنحدارية - الإنكماشية.

إن السكر والشوكولا والزيوت, الفاكهة وعصير الفاكهة كلها طاقة إنفلاشية ومحفزة بقوة للطاقة الأرضية. أما الحبوب الكاملة فهي متوازنة نوعاً ما, مع العلم أن طاقة الأرض فيها تتغلب على طاقة السماء لأن مصدرها نباتي. ولكن يمكننا رؤية تأثير الطاقة السماوية في الإنكماش التكويني لهذه الحبوب.

إن الأطعمة التي تطبخ لوقت طويل يحصل فيها مزيد من الإنكماش فهي بالتالي تحفز الطاقة السماوية, بينما السلطات والأطعمة التي تطبخ لوقت وجيز فهي بالتالي تحفز الطاقة الأرضية.
إن إشعاعات الميكروويف إنفلاشية بشكل كبير, وهي ضارة ومؤذية, إذ أنها تطهو الأطعمة بسرعة فائقة.
أما البيض فهو مادة إنكماشية ويحفز الطاقة السماوية, بينما القهوة فهي تؤثر على الجزء "الأكثر ين" في مقدمة العقل, فهي بالتالي تحفز طاقة الأرض.

ففي مناخ معتدل مؤلف من أربعة فصول, ومع نظام أكل مرتكز على توازن بين الحبوب الكاملة, الفاصوليا, الخضار المحلية, الخضار البحرية, والأطعمة المكملة مثل لحمة السمك ذو اللون الأبيض القليل الدسم, الفاكهة المحلية, البذور, والشاي الخالي من الكافيين, بهذا نطبق النظام الغذائي المرتبط بمعايير الأكل الماكروبوتيكي السليم.
فبكل الأحوال, يجب أن نفهم أن الأكل المتوازن لا يعني أنه علينا إيجاد طريقة لمساواة طاقة الأرض مع طاقة السماء لأجسامنا هذه, إنما يعود هذا بشكل ديناميكي الى حالتنا وظروفنا الفردية. فإذا إستطعنا تحقيق توازنٍ بين الطاقة الأرضية والسماوية, عندها نستطيع  تأمين كل ما تتطلبه أعضائنا وجسمنا هذا لإداء وظيفته على أكمل وجه.
إن نظام الأكل المتوازن والطبيعي ضروري للبقاء بعيداً عن الأمراض. ولكن إذا تناولنا الكثير من الأطعمة التي تحفز الطاقة الأرضية, أو حتى الكثير من الأطعمة التي تحفز الطاقة السماوية, فسينتج عن ذلك نشاط زائد لبعض الأعضاء, وكسل وضعف للبعض الآخر. ليس هناك نوعاً واحداً من الطعام جيد لكل الجسم.فإذا كان مفيداً لجزء واحد من الجسم, فهو عادةً يكون مؤهلاً لجزء آخر من الجسم. فما يحفز الكبد مثلاً قد يحفز الطحال أيضاً, بينما هناك أطعمة قد تحفز القلب وتضعف الكلى. لهذا نرى أن العلاج  التقليدي بالأعشاب يحتوي على مزيج من المكونات المتوازنة بطاقة "الين" "واليانغ," ولأن نظام الأكل الطبيعي يحتوي أيضاً على تنوع هام من الأطعمة التي تحتوي هي بدورها على هذه الطاقة المتممة لبعضها البعض.

إن هذا المبدأ ينطبق أيضاً على العلاج الحديث, كالأسبرين والمضادات الحيوية. فإن الأسبيرين مثلاً قوي بالطاقة الإنفلاشية. ولإنها طاقة أرضية إنفلاشية, فهي تسيل الدم وتخفض مستوى الكوليسترول وترسبات الدهون في الشرايين. ولكنها أيضاً تسبب إنفلاشاً في الأوعية الدموية, مما قد ينتج عنه تمزقاً ونزفاً. كما أن المضادات الحيوية تقضي على عوارض الإلتهابات, ولكنها بنفس الوقت تضعف المناعة الطبيعية للجسم وتقضي أيضاً على "الميكروأورغانيزمات" المفيدة الموجودة قي الأمعاء. فبالعموم, كلما كانت هذه الأدوية أكثر قوة وأكثر فعالية بإزالة العوارض, كلما زادت إمكانيتها لتعطيل عمل الجسم ككل.

إن ظهور عوارض المرض يبدأ عندما تكون طاقة الجسم غير متوازنة, هزيلة أو مفرطة. فإن السرطان, أمراض القلب, داء المفاصل, وغيره من الأمراض تبدأ بالظهور نتيجة هذا الخلل في توازنات الطاقة. فتحدث مشاكل في طاقة الصعود وطاقة الإنحدار, مما يؤدي الى طاقة مفرطة الحركة من ناحية, أو ركود وكسل من الناحية الآخرى في مختلف أنحاء الجسم مما ينتج عنه أمراضاً مختلفة.                
منذ زمن, وكل المقاربات التقليدية التي أقدم عليها الطب الشرقي وطريقة علاجه للأمراض كانت من خلال رؤيتهم للطاقة. فالعلاج الشرقي هدف الى تصحيح توازنات الطاقة – تزويدها بالطاقة عندما تكون ضعيفة, أم تخفيفها  أو تنفيسها عندما تكون مفرطة.
فهناك حالات مثل سوء التغذية وضغط الدم المنخفض الذي يسببه ضعف في القلب هما أمثلة على تشخيص نقص ما في الطاقة, بينما هناك عوارض كالحُمى والسعال, التعرق والبدانة الزائدة هما أمثلة على وجود إفراط في الطاقة. فهناك الطعام والعلاج بالأعشاب وعلاجات آخرى إستعملت لتصحيح هذا الخلل الحاصل في الطاقة. بعض العلاجات تقضي بزيادة الطاقة, وآخرى بتهدئها وتسكينها. فهناك أنواع من الحبوب, الأعشاب, الخضار, المعادن والطعام الحيواني تستعمل لهذه الأغراض في يعض الحالات.

إن مبدأ الطاقة لا يتبع للنظام الغذائي والعلاج بالأعشاب وحده, بل لتقنيات مثل "الشياتسو,"الوخز بالأبر,""والعلاج بكف اليد." فالوخز بالأبر مثلاً يمكن إستعماله لتقوية طوفان الطاقة في الجسم أو تهدئتها. فإذا تركت الإبرة لمدة طويلة, فهي تعمل كالهوائي لجهاز التلفاز, يلتقط الطاقة من الجو ويمررها من خلال نقاط ومسارات "المريديان" الى داخل الجسم, لتفعل فعلها في العضو المتراسل معه. ولكن إذا تركت الإبرة لوقت وجيز وسحبت بحركة طفيفة باتجاه عقارب الساعة, فيكون لها مفعول تنفيسي للطاقة ومهدىء للميريديان وللعضو المتراسل معه.

وهناك أيضاً "الموكساباستشين", أو الموكسا, عند حرق "ماغوارت" ناشفة على نقطة الوخز, فهذا يزود بالطاقة ويفعٌل العلاج بشكل كبير. إن هذه التقنية المتبعة حالياً كانت وما زالت منذ ألاف السنين, وقد مورست من قبل الصينيين واليابانيين. إن "الموكسا" طريقة جيدة وفعالة في مساعدة الحالات التي تشكو من تدنٍ في الطاقة, كالإمساك المزمن الناتج عن تقلصات لاإرادية في جدران الأمعاء وتعب وإنهاك في عمل الكلى الناتج من إستهلاك كميات كبيرة من السوائل. ولأن "الموكسا" تزود الجسم بالطاقة, فمن المفترض أن لا نستعملها في حالات الإلتهابات والحمى عندما تكون الطاقة نشطة للغاية.

وهناك أيضاً طريقة الكمادات أو اللزقات الخارجية التي طبقت منذ زمن طويل كجزء من الممارسة التقليدية لعلاج الطاقة, وهي تستعمل اليوم كجزء من العناية المكروبيوتيكية التي يطبقها الكثيرون في منازلهم. فهناك بعض الكمادات أو اللزقات التي تزود الجسم بالطاقة, كما أن هناك طرق عديدة لتخفيفها أيضاً. فلزقات الزنجبيل مثلاً تحضر من الزنجبيل المذوب بالماء الساخن. حيث يتم تغطيس منشفة فيها ووضعها على المكان المطلوب من الجسم لعدة مرات حتى يصبح الجلد أحمر اللون.
إن لزقة الزنجبيل هي علاج محفز للطاقة بالعموم. أما إذا أردنا عكس هذا, فعلينا إستعمال لزقاً باردة من "التوفو المطحون" أو الخضار الخضراء التي تخفض وتهدىء الطاقة. فإذا كان هناك من يشكو من إضطراب وسوء إمتصاص في الإمعاء, فلزقة الزنجبيل ستنعش الطاقة وتحافظ على عمله الطبيعي. ولكن لزقات الزنجبيل غير محبذة لشخص يعاني من إلتهاب الزائدة الدودية أو الرئة, لان كلتاهما عوارض ذو طاقة نشطة. ففي هذه الحالات, إستعمال اللزقات الباردة ستنفس الطاقة وتخفض مفاعيلها.
وفي الحالات السرطانية, التي هي عوارض لتراكمات قوية من الطاقة والتي تأخذ شكلها في العدد المتزايد من الخلايا, فمن الأفضل أن لا نستعمل لزقات الزنجبيل على الإطلاق. أما إذا وجب إستعمالها, فهذا سيكون لبضعة دقائق فقط لتحفيز طوفان الدم الى أو من المكان المصاب, حيث يجب فوراً إلحاقها بلزقات باردة من الخضار الخضراء, كومبو, الشعير, أو البطاطا.

إن "الشياتسو" أو التدليك بضغط الأصابع هو شبيه للوخز بالإبر. فالشياتسو يمكن تطبيقه لتحفيز وتزويد الجسم بالطاقة, أو لتخفيفها وتهدئتها أيضاً. إن الطريقة التي يتأثر بها الجسم تعتمد الى حدٍ كبير على حالة المدلك الصحية. فإذا كان هذا المدلك من آكلة لحوم الحيوانات, أو الحلويات, أو يشرب الكثير من المشروبات, أو مفرط في الأكل عموماً, فإن طاقته ستكون مفعمة وسيصعب عليه ممارسة الشياتسو لتخفيض الطاقة عند الآخر أو تهدئتها. أما إذا كانت حالته الصحية سليمة وطاقته متوازنة ومعرفته جيدة, فإن هذا سوف يسمح له بتطبيق الشياتسو بفعالية كعلاج طبيعي عبر طاقاته الجسدية.


المادة والروح     


كان هناك عالم وفيلسوف يوناني قديم إسمه ديموكريتاس. ولد ديموكريتاس حوالي سنة 460 قبل الميلاد, وكانو يسمونه الفيلسوف الضحوك. لقد فهم ديموكريتاس أن الحياة مؤلفة من وجهين, المادية واللامادية.
بعد أن ركز هذا العالم على العالم المادي, إستنتج أن "الذرة" هي جوهر المادة أو أصغر وحدة فيها. وفيما كان مركزاً ومنغمساً في أبحاثه عن المداميك الأساسية للعالم الفيزيائي, تحول نظره عن العالم الخفي للطاقة أو الروح, مما أدى الى التخلي عن أفكاره اللامادية والتركيز على المادة وحدها.
هذه كانت بداية العلوم الحديثة والطبية. وهكذا, بعد ديموكريتاس بألاف السنين, أصبح التركيز على شتى العلوم المادية بلا منازع, وأصبح العلماء يجدون صعوبة في إستيعاب وفهم الأمور الروحية, أو الإبداعية, أو فهم النظام الكوني بأبديته.
لقد إستطاعوا العلماء أن يروا كل ما هو من عالم الملموس والمحسوس, أو بكلام آخر, كل ما إستطاعوا وزنه أو قياسه بالغرامات - السنتيمترات – الدقائق والخ. ففي كل الأحوال, إذا لم نستطع فهم العالم الخفي للطاقة أو الأرواح, لن يمكننا معرفة الأسرار الحقيقية أو المعنى الحقيقي للحياة ككل.

إستطاع العلماء فهم المواد الصلبة – الغازات – وبعض التموجات, فقط لإنهم إستطاعوا إدراك الأشياء التي لمسوها أو قاموا بقياسها بواسطة أجهزتهم. ولكن هناك أشياء أبعد من هذا, وأبعد من هذه النظرة العلمية للعلوم الحديثة. فكثير من العلماء لا يؤمنون بأي وجود لهذه العلوم الخفية. فإن هذا الرأي يرتكز على نظرة ضيقة للحياة التي لا يمكن أن تؤدي الى سعادة فردية وحقيقية, أو لصحة وسلام عالمي.
فلو إستطاع ديموكريتاس وتلامذته رؤية الصورة كاملةً, أو كانت لديهم نظرة أقل آحادية, لوصلوا الى معرفة هذان الوجهان اللذان هما جوهر واحد لحياة واحدة وموحدة, وأن كل شيء موصولاً ببعضه البعض لكان تأثيرهم على العلوم الحديثة في عالمنا هذا مختلفاً.
ولكن بالرغم من كل هذا, وبعد عدة ألاف من السنين, وفي قمة الحضارة المادية هذه, توصل العلم الفيزيائي للذرة الى الإستنتاج بأن المادة تساوي الطاقة, إنطلاقاً من مختلف العناصر, الى الذرة, وأخيراً الى الإليكترونات والبروتونات, وغيره من الجزيئيات الذرية التي إكتشفت وحللت مؤخراً.
وعندما تم مراقبة الإليكترونات بدقة, لوحظ أنها مؤلفة من الطاقة, لأنها بالفعل كتلات من الطاقة وليست صلبة على الإطلاق. فالأشياء المادية ليست إلا كتل من الطاقة تتذبذب وتموج وتتغير باستمرار. والأكثر من ذلك, إن المادة تتكثف باستمرار من الطاقة لتتحلل مجدداً وتعود الى طاقة.

إن العالم اللامادي أكبر بكثير من العالم المادي. فكل شيء حي من نباتات, حيوانات, وبشر, هي تحولات طاقة, كما هو الحال مع المواد الغير عضوية.

عندما ننظر الى الحياة من خلال هذا المفهوم, فإنه بالتأكيد سيسهل علينا فهم العالم المادي, وفهم حقيقة جسم الإنسان والعيش بصحة وسلام على سطح هذه الأرض. ولكننا إذا أردنا أن نعتبر أن الحياة ليست إلا مركبات من ذرات ومثقال ذرات, فسيكون من الصعب علينا العيش بسعادة ومعرفة الحقيقة المطلقة لوجودنا وقدرنا.

بالرغم من هذا الإهتمام الكبير الذي توليه هذه الحضارات العصرية للأمور المادية, فالإنسانية عرفت تخمةً من الأكاذيب تخطوا بها البشر عالمهم الفكري والروحي. فمن ألاف السنين, إكتشف الإنسان القديم الصلة بين الحياة والطاقة, بين الفيزياء والروح, بين العقل والجسد. حيث كانت نظرتهم العالمية مرتكزة على الوعي للقوة الكونية التي إبتدعت الحياة, وعلى مفهومهم الذي أصبح الآن شيئاً مؤكداً علمياً. إن إلتقاء هاتين الرؤيتين المتواجهتين والمكملتين لبعضهما البعض سوف يقودنا الى مستقبل حيث تكون الإنسانية مواكبة لمفاهيم حياتيةٍ أكثر كونيةً.






3



الكيميائية العصرية


لقد إكتشف خلال القرن السادس عشر أن الجو مؤلف بغالبيته من غازات لها وزنها, حيث إخترع العالم أفانجيليستا تورشيلي, وهو أحد زملاء العالم غاليليو أداة إستطاع بواسطتها التأكد من وجود ضغط جوي للأرض. لقد قام تورشيلي بملء أنبوب زجاجي طوله 30 إنش بالزئبق وقلبه رأساً على عقب في صحن, بحيث أن الأنبوب وفوهتة لامسا الصحن بالإتجاه العامودي. لقد تسرب البعض من هذا الزئبق الى الصحن, ولكن الكمية الأكبر بقيت في الأنبوب نفسه. فعرف تورشيلي أن الجو الأرضي يضغط على الزئبق بطريقة منعت باقي الزئبق من التسرب وبقيت بمعظمها داخل الأنبوب. هذه الأداة والتي نعرف "بالبارومتر," ما زالت تستعمل ليومنا هذا لقياس الضغط الجوي.

ففي فرنسا, كان هناك عالم أسمه بليز باسكال قام بتجربة مشابهة لتلك التي أجراها تورشيلي, ولكنه جربها هذه المرة بأنبوب زجاجي طوله 46 قدماً. إكتشف باسكال أن الضغط الجوي دعم وحافظ على 33 قدماً من الماء بارتفاعه العامودي. وإكتشف أيضاً أن الضغط الجوي يختلف حسب إرتفاع المكان الذي يجري القياس منه. فوضع الباروميتر على قمة جبل في وسط فرنسا, فوجد إن الإرتفاع العامودي إنخفض 3 إنشات عن التجربة السابقة التي قام بها عند مستوى البحر.

إن الجبال ترتفع عالياً بفعل قوة الأرض التي تبعث طاقةً إنفلاشيةً الى الأعلى, وهي طاقة أكثر - ين. وكلما إرتفعنا عن سطح الأرض, تزداد قوة الطرد الأرضية هذه ويحصل إنخفاض بمستوى الضغط الجوي. وفي المقابل, إن الطاقة السماوية الآتية من السماء ستزداد قوةً كلما إقتربت من المنطقة المركزية لباطن الأرض. لهذا, نرى أن الضغط الجوي يتعاظم في المناطق المنخفضة.  فمثلاً, إن الضغط الجوي في قعر البحار والمحيطات أقوى بكثير من الضغط الجوي الذي نشعر به على نقطة نتساوى فيه مع مستوى سطح البحار.




أصولٌ قديمة


إن المفاهيم الديناميكية لعلم الطاقة السماوية والأرضية أو "اليانغ والين" – كانت مهمة ومحورية للعالم القديم والعلوم الكونية. فما زلنا نجد البعض من هذه العلوم في عالمنا حتى يومنا هذا. ففي ولاية كاليفورنيا مثلاً, مكان غير عادي يحمل إسم غامض وغريب. عندما وصل المكتشفون الإسبان الى كاليفورنيا, قال لهم الهنود الحمر الذين يعيشون بالقرب من هناك أن هذا المكان يدعى "إنيو." ففي هذا المكان وجدوا جبل "ويتني," أعلى جبل في الولايات التحدة الأميركية, بإستثناء ولاية ألاسكا, فوجدوا على مقربة من هذا الجبل صحراء "ديث فالي" القاحلة, والتي تنخفض عن مستوى سطح البحر والأكثرها إنخفاضاً في أميركا الشمالية. فمن المستغرب أن كلمة "إن" بالياباني معناها "ين," وكلمة "يو" تعني "يانغ." فمن الواضح أن هؤلاء الناس الذين سموا المكان "إنيو" كانو مدركين أن الجبال لها طاقة أرضية إنفلاشية "أكثر ين,"بينما هذه الصحراء المنخفضة كانت قد كونت نتيجة تدفق هذه الطاقة السماوية عليها. إن هذين التكونين الجيولوجين يعكسان مدى التناغم بين الإنفلاش والإنكماش, أو بين طاقة "الين" "واليانغ." إن هذا المكان ما زال يعرف بالإسم ّذاته ليومنا هذا, "مقاطعة إنيو" في كاليفورنيا. وهذا ما يجعلنا نعتقد أنه كان هناك نوع من التبادل الثقافي بين الشعوب الشرقية والشعوب الأميركية الأصيلة في العصور القديمة.
إن العودة الى مفاهيم علم الطاقة المؤلفة من "الين واليانغ" زودنا بهذا التطور العلمي المهم. أما بالنسبة للمؤرخين, فهم يرجعون عادةً الى العصور اليونانية كعهدٍ لبدايات التطور العلمي الحديث. علماً, إن اليونانيين ورثوا ثقافتهم من عصورٍ سابقة, كالحضارة السامرية والبابلية والمصرية. لقد تبنوا العديد من الفنون والعلوم كعلم الفلك, الحساب, المعادن, والطب من هذه الحضارات القديمة التي عايشت بقايا العلوم الكونية القديمة والتي فهمت أن الكون محكوم بهاتيت القوتين أو الطاقتين الأساستين.

لقد كان هناك بعض العلماء اليونانيين الذين حاولوا إعادة هيكلة هذه العلوم الكونية للطاقة وشرحها على أساس أنها مادة آخرى ومختلفة ومغايرة لعلوم الطاقة التي أتت من البلاد الشرقية والأسيوية. فعلى سبيل المثال, قال المفكر اليوناني أناكسيميس (700 سنة قبل الميلاد) أن الهواء هو أساس هذا الكون وأن كل شيء متصل ويتحرك ويتغير في دورات تحكمها هاتين القوتين: التمدد, والذي حدده بالشهيق, والتقلص, الذي حدده بالزفير.

وبعد 200 سنة تقريباً قال هيراكليتوس, وهو من أعظم الفلاسفة الذين أتوا قبل سقراط, أن الحياة والطبيعة هما جزء من العملية الأبدية للتغيير وأن كل شيء يتكون في هذا الوجود تحت تأثير "القوة المندفعة نحو المركز" بعد إصطدامها وتحللها بقوة آخرى معاكسة وهي "القوة الطاردة المركزية." ولقد سمى العملية الكونية هذه " لوغوس," والتي أصبحت فيما بعد أساس يرتكز عليه نظرية "لوجيك - أو المنطق," وقال أيضاً أن النار – أو الجزيئيات المتعلقة بالمرحلة ما قبل الذرة والتي تعرف الآن بالمصطلح "بلازما" – مصدرها المادة نفسها.

وهناك أيضاً الفيلسوف إمبيدوكليس الذي قال أن المادة تمر بأربعة مراحل وهي: النار – الهواء – الماء – والأرض. وأن كل شيء يتوحد من خلال قوة أسماها "الحب" وقوة آخرى أسماها "الجهاد أو النضال." وجاء أرسطو ليدعم فكرة إمبيدوكليس, وقال أن باستطاعتنا فهم العالم إنطلاقاً من هذه المراحل الأربعة. وقال أن الشكل البدائي للمادة هو في قلب كل شيء وأن المادة البدائية هذه ليست موجودة إلا لتأخذ شكلاً من خلال عملية التجسد هذه.

فإن نظرية إمبيدوكليس وأرسطو يلتقيان بدقة مع نظرية ديموكراتوس الذي سبق وإلتقيناه في الفصل الثاني من هذا الكتاب. فكان شعوره أن الكون مركب من مركبين أساسين, والذي حددهما بالذرة والفضاء. وقال أيضاً أن الذرات هي وحدات غير مجزأة للمادة. حيث جاء أرسطو بعدها وشكك بصحة هذه النظرية.
كنتيجة لذلك, إعتنقت هذه النظرية من قبل هؤلاء الفلاسفة الذين آتوا قبل سقراط وسادوا العصور الوسطى وأصبحت واحدة من الأفكار الأساسية لممارسة العلوم الكيميائية المرتكزة على المعتقد الذي من خلاله يستطيعون تحويل عنصرٍ ما الى آخر. لقد مورس التحول الكيميائي بشكل واسع في أوروبا, الهند, الصين, وبلاد كثيرة من هذا العالم. كثيرٌ من علومنا الحالية, وللكيمياء أصولها العلمية التاريخية التي تتحدر من هذا الفن القديم.

لقد عدل العلماء الأوروبيون نظرية الأربع عناصر الى "علم الضاد أو المتناقدين." لقد إعتقد العلماء أن عاملين متممين لبعضهما البعض – كالنار (يانغ), الممثل بالكبريت, والماء (ين), الممثل بالزئبق – إذا تواجدوا معاً في أعماق الأرض فسينتجون معدناً أساسياً أو معدناً ثميناً. فكانت محاولاتهم عملياً تهدف الى تغيير المعادن الأساسية, كتحويل الزئبق الى ذهب أو الى معادن ثمينة آخرى.
وكما الفلاسفة الذين سبقوهم, إعتقد العلماء أن كل هذه الأشكال المتنوعة من المواد الموجودة في الطبيعة لها أصولها أيضاً. فبالوعي والتوجه الحدسي لحقيقة التحول, إعتقد العلماء أن العناصر هي شكل مؤقت لطاقة كونية أكبر أو مادةٍ, وأن أي عنصر يمكن تحويله لآخر.
ومع مرور الزمن, إبتدأ الباحثون الشك بصحة هذه النظرية من العلم القديم, وخصوصاً أنهم كانوا وقد وصلوا الى تفسيرٍ ينص على أن الكون له أربعة عناصر فقط. حيث قام العلماء لاحقاً بالتخلي عن هذه الفكرة الضيقة و تبنوا نظرية ديموكراتوس التي تتكلم عن الذرة.
إن نظرية الذرة قدمت تفسيراتٍ معقولة وأساسية لمختلف المعادن التي كان العلماء بصدد إكتشافها. ففي كل الأحوال, إن نظرية الذرة بالمطلق, وهي الوحدة الغير مجزئة كما إقترن بها ديموكراتوس وجون دالتون من بعده, وهو عالم أنكليزي من القرن التاسع عشر, إنهارت في القرن العشرين مع إكتشاف جزيئات أصغر للذرة نفسها. وحتى أن هذه النظرية إنهارت أكثر وأكثر عندما إكتشفوا أن هذه الجزيئات هي ليست إلا وحدات مكثفة من طاقة ليس لها طابع مادي على الإطلاق.


تصنيف العناصر 
         
مع طاقة "الين" "واليانغ" يمكننا حل هذا الإنفصام بين كل هؤلاء الذين نظروا الى المادة كطاقة متغيرة دينامكية والذين تصوروها كمجموعات راكدة من الذرات. فلنبدأ الآن ببعض التصنيفات الأساسية.
إن الحرارة العالية هي أكثر "يانغ," بينما الحرارة المنخفضة أكثر "ين."
إن الأشياء الصغيرة والمتضامة هي أكثر "يانغ," بينما الأشياء الكبيرة والمنفلشة أكثر "ين."
إن الأشياء التي تتمتع بكثافة أكبر, أو بصلابة وجمود بنيوي هي أكثر "يانغ," بينما الأشياء التي تتمتع بكثافة أقل, أو بنعومة وهشاشة أكبر في الشكل هي أكثر "ين."
إن الأحمر هو أكثر "يانغ," بينما البنفسجي أكثر "ين."
إن الألوان التي يمكننا تصنيفها من الأكثر "يانغ" الى الأكثر "ين," هي: الأحمر – البرتقالي – الأصفر – الأخضر – الأزرق – البنفسجي. أما الأشعة تحت الحمراء والتي لا تتمثل بأي لون بالنسبة إلينا, هي أكثر "يانغ" من اللون الأحمر ذاته, بينما الإشعة ما فوق البنفسجية هي أكثر "ين" من اللون البنفسجي ذاته.
إن المعايير الأساسية المنصوص عليها أدناه سوف تساعدنا على إكتشاف خصائص العناصر التي تنتمي الى الطاقة الأكثر "ين" أو أكثر "يانغ:"

                                        ين                    يانغ                         
                                                               
الحرارة                   أسخن                 أبرد
الحجم                   الأصغر                  الأكبر
الوزن                     الأثقل                  الأخف
الكثافة                   الأكثف                 الأقل كثافة
اللون         الأحمر والبرتقالي والأصفر, الأخضر والأزرق والبنفسجي
 

الكتلة الذرية أو الوزن


إن الأرقام الذرية تشير الى عدد "البروتونات" الموجودة في نواة الذرة. كما أنها أيضاً تشير الى عدد "الإليكترونات" التي تطوف حول النواة. إن الوزن الذري يشير الى الوزن أو الكتلة التي تتمتع بها نواتها من البروتونات والنيوترونات.
إن الإليكترونات التي تطوف باستمرار لا تشكل عملياً كتلة ما, ولكنها بالنتيجة لها تأثيرٌ طفيف على وزن هذه الذرة. إن العناصر التي تحتوي على أوزانٍ أكبر من الذرة تحتوي على كميات أكبر من البروتونات والنيوترونات ولهذا تصبح أثقل, أو أكثر "يانغ," من العناصر الآخرى الخفيفة. فبالتالي هي أكثر كثافةً من التي تمتع بجزيئيات أقل في نواتها. فكل ما زادت الكثافة, زادت مواصفات "اليانغ," وكل ما قلت الكثافة مالت الى طاقة "الين."


نقطة الذوبان ونقطة الغليان


يحافظ كل عنصرٍ على شكله الصلب الى أن يتعرض لحرارة تصل الى نقطة الذوبان. أما إذا تعرض هذا العنصر الى حرارة تتراوح ما بين نقطة الذوبان والغليان, فإنه سيصبح سائلاً, أما إذا تخطينا نقطة الغليان, فإنه سيتحول الى غاز. ففي مرحلة ما بعد الغاز, إن هذا العنصر سيكون متواجداً بحالة "البلازما," والتي هي مرحلة متوسطة ما بين العالم المادي وعالم الطاقة. أما إذا ذهبنا الى أبعد من ذلك, فإن المادة ستذوب لتصبح ذبذبات وتموجات وطاقة صرف.
نحن نعرف أنه من الممكن إرتفاع معدلات الحرارة الى درجات هائلة, علماً أننا لا نعرف بالظبط السقف الفعلي لإمكانية هذا الإرتفاع. ولكننا نعرف أن آدنى مستوى للحرارة, والذي هو 273 سيلسيوس, أو 273 درجة تحت نقطة تجمد المياه, والتي تعرف بدرجة الصفر. هي أدنى نقطة نستطيع الوصول اليها هنا على هذه الأرض. أما في بعض الكواكب الآخرى أو الأمكنة ألآخرى من هذا الكون, فمن الممكن الوصول الى درجات أدنى بكثير من ذلك.
إن الماء تذوب على درجة الصفر, وتغلي على درجة 100. بعض العناصر التي هي أكثر "ين" تتطلب حرارة أقل للذوبان. أما الأكثر "يانغ" فتتطلب درجات أعلى للذوبان.
ففي درجة حرارة 32 يبقى الماء بين درجة الذوبان والغليان, أو بكلام آخر, بحالته السائلة. أما بعض العناصر كالحديد والنحاس فستبقى جامدة وصلبة على درجة الحرارة هذه.
إن المطلوب هو درجة حرارة عالية لتغييرها الى شكلها السائل. أما البعض الآخر, كالأوكسجين, النايتروجين, والهيدروجين, والموجودين كغازات على درجة حرارة عادية, فإنهم سيتحولون الى سائل بمجرد تعرضهم لدرجات حرارة باردة جداً كدرجة الصفر مثلاً.
مع أننا قد لا نلاحظ هذا, ولكننا سوف نجد كل هذه الحالات والعناصر موجودة بنفس الوقت من حولنا. فالبعض من هذه العناصر موجود في حالته المتجمدة, والبعض الآخر بحالته النصف متجمدة كالزئبق مثلاً, وهناك بعض العناصر الموجودة بحالتها السائلة, والبعض الآخر بحالاته الغازية أو البلازماية, أما الباقي فهم حولنا بشكل تموجات وذبذبات إرتجاجية.
إن حضارة عصرنا هذا تتعامل باهتمام بالغ مع المادة التي هي بحالتها الصلبة والسائلة, غير آبهة للمادة التي بحالتها الغازية أو البلازمية أو الذبذبية. كنتيجة لذلك, إن نظرتنا للحياة تتمحور في معظم الوقت على الأمور المادية الصرف, متجاهلين وهاملين آبعاداً آخرى من الحقيقة الكونية الواحدة.


ألحجم


إن الذرات الصغيرة التي تحتوي على كميات قليلة من البروتونات والإليكترونات والنيوترونات هي أكثر "يانغ," بينما الذرات الأكبر حجماً والتي تحتوي على أعداداً أكثر من جزيئيات ما قبل الذرة, هي أكثر "ين." مع بروتون واحد وإليكترون واحد, يكون الهايدروجين أصغر ذرة. أما بالنسبة الى الحجم, فهو "يانغ" بأكثريته. وكلما تقدمنا الى أرقام أعلى في عدد الذرات, سوف يزداد حجم الذرات, مع وجود عدد أكبر من الجزيئيات ما قبل الذرية, وستكون متقدمةً بطاقة "الين."
إن التصنيف هنا هو عكس التصنيف الذي يجري حسب الوزن: لإنه عندما تزداد الذرات وزناً, تصبح أكثر "يانغ." علماً, أن "الين" "واليانغ" موجودان دائماً معاً ويكملان بعضهما البعض. إن العناصر هذه محايدة وغير مشحونة كهربائياً لأن عدد البروتونات المشحونة إيجابياً في كل نواة يوازي عدد الإليكترونات المشحونة سلباً والتي تطوف في الحد الأقصى من الذرة. فكل ما كبرت هذه العناصر (أكثر ين), ستزداد كثافةً أو ثقلاً (أكثر يانغ).


اللون وطول الموجة


عندما نحرق عنصراً ما ونضع براقاً أمامه, سوف نرى الواناً محددة تنبعث بدرجة ضاربة أكثر من غيرها. فهذا الفحص يدعى التحليل الطيفي. إن فحص اللون الطيفي لكل عنصر سيزيد بعداً آخر لتصنيفاتنا ويسهل تدابير العناصر في الطوفان اللولبي ضمن المدارات السبع.
مع هذه التدابير, إن عنصر الضوء (لهذه التي تحمل عدداً صغيراً من الذرات) سيتمحور على الحد الأقصى, والعناصر الأثقل (لهذه التي تحمل عدداً أكبر من الذرات) ستتمحور حول النقطة المركزية. فالذرات ستصبح أكثر ثقلاً باتجاه النقطة المركزية للطوفان اللولبي. إن العناصر الموجودة في النصف الآدنى من كل مدار سينبعث منها ألواناً أكثر "يانغ," مع موجات أطول من الطيف (التي تقاس بوحدة الأنغاستروم), بينما هذه الموجودة في النصف الأعلى من كل مدار سينبغث منه ألواناً أكثر "ين," مع موجات أقصر طولاً.
فمثلاً, إن الأوكسجين سيتمحور في مكانٍ أكثر "ين," بينما الكربون سيتمحور في مكانٍ أكثر "يانغ." فالكربون والأوكسجين يشبهان الذكر والأنثى: فلهما تقريباً مواصفات متقابلة ولكنهما يتآلافان مع بعضهما البعض بسهولة بالغة.
إن الأوكسجين والهيدروجين أيضاً لهما صفات بعيدة عن بعضها البعض, ولكنهما يتآلافان بسهولة, كما أنهما يفعلان ذلك في الماء أيضاً.
إن هذا الإنجذاب والتآلف بين العناصر المتقابلة والمشحونة هو سبب وجود الماء بهذه الوفرة التي تغطي ثلاث أرباع سطح الأرض, و60 بالمئة من وزن جسم الإنسان.
إن تدابير هذا الطوفان اللولبي للعناصر يساعد على حل كل الأمور الغامضة في عالم الكيمياء, كالأمر الذي يحير العلماء: لماذا بعض العناصر تتآلف بشكل سهل مع بعضها البعض وآخرى لا تفعل ذلك؟ وسوف يساعدنا هذا العلم أيضاً على معرفة لماذا بعض التركيبات مشتركة بطريقة عادلة أو كثيفة, بينما آخرى بقيت نادرة الوجود. وكما سنرى أدناه, إن الطوفان اللولبي سيوفر لنا المزيد من الخيوط لكيفية تكون هذه العناصر أصلاً في هذا الوجود.






التقنيات الحديثة


إن إختراع المحرك البخاري في القرن السابع عشر أطلق الثورة الصناعية. إخترع المحرك البخاري شخص يدعى جيمس وات. في يوم من الأيام, وعندما كان جالساً في المطبخ مراقباً إبريق الشاي وهو في بداية غليانه. لاحظ إن غطاء الإبريق بدأ بالتحرك صعوداً ونزولاً, ففكر وقال لنفسه, "إذا أستخدمنا هذا البخار كمورد للطاقة, فسنولد بها طاقة ما هائلة." فكان هذا التفكير هو الدافع الأساسي لإختراع المحرك البخاري ومن ثم تطوير صناعات آخرى حديثة وعصرية من بعدها.
ولكن, لو عرف جيمس وات "الين" "واليانغ" في حينه, لكان لإختراعه وقع أعظم للبشرية. لأن أيهما أكثر "يانغ," الماء أو البخار؟ إن الماء في إبريقه كان أكثر "يانغ," خصوصاً الماء الموجود في قعر الإبريق. فكان وات عندها يستعمل فقط حاسة النظر, فلاحظ حركة البخار وتم تقليده. ولكن لو إستخدم مفهوم أكثر حدسيةً, لكان إنتباهه إنصب على الجزء الأكثر "يانغ."
ولإن البخار أقل فعاليةً من الماء الساخن. سنجري إختباراً بسيطاً للتأكد من ذلك.
إملأ جزءاً من أنبوب فحص بالماء وأطبقه بفلينة. ثم قم بتسخينه فوق شمعة أو حراق غاز. فعندما تبدأ الماء بالغليان, فإن البخار سيدفش الفلينة خارجاً. هذا يؤكد لنا مبدء وات بالنسبة الى الطاقة البخارية.
ألأن, لنملأ الأنبوب مجدداً ونطبقه بفلينة ونقم بتسخينه, ولكن هذه المرة قبل بدء الماء بالغليان, إقلب الأنبوب الى إحدى الجوانب بحيث يتلامس الماء مع الفلينة. سترى أن الماء الساخن سيدفش الفلينة الى الخارج بعنف.
إن هذا الإختبار البسيط يبرهن لنا أن المحركات البخارية تهدر الكثير من الطاقة. لإن البخار يحتاج الكثير من التسخين والوقت والمحروقات من الماء الساخن وسيعطينا طاقةً أقل. إن المحرك الذي يستخدم الماء الساخن سوف يعطينا قوة أكبر وفعالية أكثر من المحرك البخاري.
كثيرٌ من الإختراعات الحديثة المماثلة تتسم بتدني الفعالية. فغالباً ما يهدرون كميات هائلة من الموارد الطبيعية للأرض لتوليد الطاقة وتلويث البيئة. وهذا كله نتيجة التفكير الميكانيكي الذي لا يمت لمفاهيم "الين واليانغ" بشىء.
والأكثر من ذلك, إذا تفحصنا كل قوانيننا الحديثة وإكتشافاتنا ونظرياتنا, ستكتشف أن أكثرها إدعاءات وهمية. فبالأرجح سوف يتم تغيير معظمها أو التخلي عنها طبيعياً  في خلال فترات زمنية لا تتعدى العشرة أو الخمسين أو المئة سنة من الآن.
إن نظرية نيوتن للجاذبية, والتي إتخذت كأساس عام للعلوم الحديثة تقدم لنا مثلاً على ذلك. فحسب هذه القصة الشهيرة, إن نيوتن كان جالساً تحت شجرة تفاح عندما سقطت تفاحة على الأرض. فعندما شاهد التفاحة تسقط, فكر أن الأرض هي التي جذبت التفاحة اليها. فكانت هذه بداية نظرية الجاذبية.
ولكن هذه الفكرة إصطدمت بالمعتقدات المسيحية, والتي تنص على أن الله خلق الأرض. فلو وقف نيوتن بعيداً من الأرض, لكان فكر أنه من الممكن أن تكون السماء هي التي دفعت بالتفاحة نزولاً. فإت طاقة السماء هي فعلياً تدفع بالتفاح والأشياء الآخرى الى سطح الأرض وتدفع الأرض نفسها, والكواكب الآخرى أيضاً حول الشمس في طوفان لولبي. فهذا يعني أنه عندما خلق الله الارض, خلقها من آقاصي الفضاء, أو الأبدية, وقامت طاقة السماء هذه بدفع لولبي الى الداخل وتكون كل شىءٍ يرى.
ولكن نيوتن لم يفكر بهذه الطريقة. فإعتبر أن لكل شىء نقطة مركزية, مثل الأرض, وأن هذا المركز هو الذي يسحب كل شىء اليه. هذه الفكرة تتطابق مع الأفكار المادية, أو الإنطباع الذي كونه البعض عن الحياة وهو محاولة سحب أكبر قدرٍ من المادة اليهم لتوفيره وجمعه.
إن نظرية نيوتن قدمت مبرراً علمياً لتصرفات البعض الإستكبارية والأنانية للأفراد, كما أنها إطلقت العنان للأفكار المادية, وأعطت مصداقية أكبر للأفكار الوطنية السيادية الحرة. إن هذه النظرة الوهمية ساهمت في فصل البشر عن وعيهم الحدسي لله وللأبدية كمصدر كوني للحياة والطاقة والمادة, بحيث جعل الكنيسة والعلم يبتعدان عن بعضهم البعض بشكل أكبر.


سلسلة تطور العناصر  
  
    
لقد عرفنا أن بعض العناصر أكثرها "ين," والبعض الآخر أكثرها "يانغ." فالهيليوم والليثيوم والبيريليوم والبورون ليست موجودة بوفرة على سطح الأرض, ولكن الهيدروجين والأوكسجين والكربون والنيتروجين موجودة بوفرة وغزارة. فمن هذه العناصر الأربع الأخيرة نرى أن الهيدروجين والكربون من فئةٍ أكثر "يانغ," بينما النيتروجين والأوكسجين من فئة أكثر "ين." إن هذه العناصر الأربعة مكملةً لبعضها البعض وتتحد بسهولة. فعندما يتحد الأوكسجين الذي هو "ين" مع الهيدروجين والكربون, سينتج عنه مثقال ذرة من الكاربوهايدريت. وعندما تتحد هذه العناصر مع النيتروجين, سينتج عنه مثقال بروتين. إن هذا الإتحاد الكيميائي هو أساسي لكل حياة على هذه الأرض.
من المنطقي أن نعرف أن إكتشاف هذه ال 107 عناصر الموجودة على كوكبنا هذا لم يتم بين ليلة وضحاها – ففي يوم من الأيام تم إكتشاف الأوكسجين, وثم النيتروجين والبلاتين وهكذا دوليك. إن كل هذه العناصر محكومة بالعملية الكونية هذه والتي تشكل سلسلة من التطور والإستمرارية الأبدية. فالسمكة والإنسان يبدون لنا على قدر كبير من الإختلاف, ولكننا نعرف إنهما متصلان وكلاهما يكوٌن جزءاً من سلسلة تطور وإستمرارية واحدة. وبنفس الطريقة نعرف أن هناك صلة واحدة للهيدروجين والحديد, النيتروجين والذهب, السيليكون والصوديوم, وكل العناصر الكيميائية. لقد إقترب العلم من إكتشاف سر عملية هذه السلسلة التطورية, أهمها بسبب الإعتقاد أنه ليس هناك مجالاً لعنصر ما أن يتحول الى عنصر آخر تحت أي ظروفٍ طبيعية.
إن عملية تحول عنصر ما الى آخر مختلف تماماً مما يحدث عندما تندمج ذرتان أو أكثر ببعضهما البعض بعد أن تحافظ كلٍ منهما على طبيعتها المنفردة, والتي تعرف بالإتحاد الكيميائي. وهذا أيضاً شىء مختلف في التحول في الحالة, بحيث تمر هذه العناصر من مرحلة صلبة الى مرحلة سائلة ومن ثم الى غاز. في هذه العملية التطورية, يتداخل عنصران مع بعضهما البعض وتتحد الإليكترونات في وحدة حال, وتصبح عنصراً مختلفاً تماماً. حسب علم الفيزياء المعاصر, إن تحول العناصر لا يحدث إلا تحت تأثير حرارة وضغط عالي, أو تعرضها لظروف طاقة قوية, كالتي تولد في جهاز التحطيم الذري أو المفاعل النووية.
إن عنصر الهيدروجين هو الأول ومن أكثرهم أساسيةً. فهو يحتوي على بروتون واحد وإليكترون واحد. ويتمثل بالشكل الأصلي الذي تأخذه الطاقة عندما تتطور من الحالة الذبذبية الى جزيئات مكثفة من الطاقة, حيث أنها بالواقع غيوم مدمجة أو طوفان لولبي من الطاقة وليست وحدات منفصلة من المادة. لهذا فإن الهيدروجين له تعداد ذري (عدد البروتونات والإكترونات) واحد, ووزن ذري (عدد البروتونات والنيوترونات الموجودة في نواتها) واحد, أي أنه العنصر الأكثر أساسيةً والذي يحتوي على إليكترون واحد وبروتون واحد.

يتحد الهيدروجين مع الهيدروجين الثقيل (هيدروجين-3) وهو أحد النظائر الذي يحتوي على إثنان من النيوترون وواحد من البروتون, ليتكون منه الهيليوم.

أما الليثيوم, وهو العنصر التالي بعد الهيدروجين, فهو يظهر عندما تتحد ذرة من الهيليوم مع ذرة من الهيدروجين-3. ثم تتحد ذرة من الليثيوم مع ذرة من الهيدروجين "النصف ثقيل," والذي له نيوترون واحدة, ليتكون البيريليوم.
ويستمر هذا التطور الى أن نصل الى العناصر الأكثر ثقلاً, كالرصاص والذهب. كلما إزدادت هذه العناصر ثقلاً أصبحت أكثر تعقيداً, فهناك عدة طرق معقولة لتكوينها. ولكن لكل طريقة نوعيتها التي تختلف قليلاً عن هذا العنصر الجديد. فعلى سبيل المثال, إن الأوكسجين الناتج من إتحاد النيتروجين والهيدروجين يختلف قليلاً من ذلك الناتج من إتحاد الكربون والهيليوم.

فبنفس الوقت, وفيما نغوص بالمنطقة المركزية للطوفان اللولبي, حيث تجري هناك عملية إنعكاسية, "فاليانغ" يتحول دائماً الى "ين," "والين" يتحول مجدداً الى "يانغ." وعندما نصل الى العناصر الأثقل وزناً "ذرياً" 200-230, كالراديوم واليورانيوم, ما نوع هذه الصفات التي سنحصل عليها؟ سنحصل على صفة النشاط الإشعاعي, مع تحول العناصر الثقيلة مجدداً الى عناصر خفيفة. إن العناصر تتحول باستمرار, ليس فقط من خلال إتحاداتهم الكيميائية المختلفة وحالاتهم المادية, ولكن أيضاً من خلال موقعهم في الطوفان اللولبي للتتطور هذا.

لنرى الآن ما هي هذه الظروف الطبيعية للتحول؟

أولاً, نعرف أنه يجب على أي عنصرين متحدين أن يكونا متكاملين مع بعضها البعض – واحد "ين" والآخر "يانغ."

ثانياً, ليأخذ هذا الإنصهار الذري موقعه, يجب على النواة المركزية لهذان العنصران أن تكون بحالة أكثر رقةً وهشاشة, أي حالة بلازمية. فإن الذرات تتحول بسهولة بالغة في هذه الظروف. يمكننا تصور ذلك عندما نتخيل إنجذاب مجرتان ضخمتان الى بعضهما البعض, واحدة تطوف باتجاه عقارب الساعة, والآخرى عكس ذلك. وسيقتربان من بعضهما البعض أكثر وأكثر الى أن ينصهرا معاً ويكونا مجرةً جديدة في الفضاء الواسع.
إن الإنصهار الذري شبيه لذلك الذي يحدث من خلال العملية الجنسية. حيث تطوف طاقة الرجل اللولبية عكس إتجاه عقارب الساعة, وطاقة المرأة اللولبية مع إتجاه عقارب الساعة. ليتكثف الحب هذا ويصبح كلٍ منهما ذو طاقة تشبه البلازما بنوعيتها. في هذه المرحلة, تحصل الهزة الجماعية والنشوة, ليلحقها إنصهار البويضة مع السائل المنوي. إن عملية تحول العناصر تشبه تماماً عملية الإنصهار هذه التي ينتج عنها تكون حياة إنسانية جديدة.


طوفان لولبي داخل طوفان لولبي


هناك سؤال يسأله كثير من الناس عندما يتأملون بالطوفان اللولبي للعناصر, لماذا الهيدروجين والذي هو مصنف أكثر "يانغ" يشغل الحد الآقصى من المحيط, أو من موقع "الين" في الترتيب, حسب الجدول الكيميائي؟ إن الهيدروجين صغيرٌ جداً. وهناك أيضاً القوة الإندفاعية نحو المركز, أو الضغط الخارجي الذي يصل إليه بسرعةٍ هائلة. يمكننا ملاحظة الشيىء نفسه في النظام الشمسي. فإن الكوكب بلوتو صغير وأكثر "يانغ," ولكنه يشغل الموقع الأكثر "ين," أو الحد الآقصى من الكواكب التسعة المعروفة في محيط مجرتنا هذه.
إن الهيدروجين موجود أيضاً في النقطة المركزية لطوفان لولبي آخر – الطوفان الأكبر للتكون ما قبل الذري. من مدةٍ ليست بقديمة, إكتشف العلماء وجود الإليكترون في النواة الذرية! لقد عكر هذا الإكتشاف ثلاثون عاماً من الأبحاث والدراسات التقليدية, حيث عرفوا حسب النظرة العصرية للأمور أن الإليكترونات والبروتونات تشغل مراكز ثابتة في داخل الذرة. وحسب أفكارنا المطروحة هنا, إن الذرات تتكون بطوفان لولبي, وبعد عدة بلايين من السنين, فإن الإليكترونات ستتحول الى بروتونات. إن النواة هي نتيجة تكثيف وتجميع للإليكترونات وجزيئيات آخرى من الحد الآقصى للمحيط. فهذا يمثل النتيجة الأكثر "يانغ" للطوفان اللولبي للتطورات ما قبل الذرية.

والآن يمكننا مشاهدة السيمفونية الكونية: مقدمة موسيقية, سبع خطوات للتركيبة الرئيسية, ونهاية عظيمة: فإن الهيدروجين والهيليوم والليثيوم والبيريليوم والبورون والكربون والنيتروجين والأوكسجين يتمثلون بهذه المقدمة الموسيقية. ومن بين هذه العناصر الثمانية, هناك أكبر تنافر حاصل بين الكربون والأوكسجين, والذي ينتج عنه السيليكون. هذه الإتحادات ينتج عنها سبع خطوات مماثلة لتلك الأخيرة في العالم المادي.
إن البلاتين هو آخر العناصر المعدنية. والنهاية هي آغانٍ منقوصة تبدأ بالذهب والزئبق, وتبلغ ذروتها مع النشاط الشعاعي للعناصر.
ونتيجة للعالم ما قبل الذري, أصبح لدينا بدايةً أو حداً أقصى للعالم الذري. إن الطوفان اللولبي للعناصر في الحد الآقصى هو طوفان بيولوجي كبير أيضاً, والذي يبدأ بالفيروسات والبكتيريا, لتنموا الى خلايا, وتكمل باتجاة التكوين البشري. هذا هو الترتيب الكوني – طوفان لولبي داخل طوفان لولبي, تضاعف متطرد في الطوفانات اللولبية. والمبدء الأساسي لكل من هذا العالم هو بالنتيجة نفسه: طاقة الأرض وطاقة السماء, أو "الين" "واليانغ."
إن الطوفان البيولوجي بحد ذاته يقع على الحد الآقصى للطوفان الإجتماعي والتاريخي الكبير. فإذا إستطاع العلم الحديث إكتشاف هذه النظرية الهائلة, فكل شيء سيتوحد. فحالياً, العلم النفسي, البيولوجي, الدين, وكل التقنيات منفصلة عن بعضها البعض بمئات من القوانين والنظريات والأنظمة المختلفة لكل واحدة منها. فإن هذا العلم سيوحدهم جميعاً ويجعلهم واحداً, ليعتنقوا ويتفهموا قوانين التحول هذه.


التحول البيولوجي


 منذ حوالي ثلاثين عاماً تقريباً, كنت أنا وزوجتي إفلين نعيش في نيويورك. ولقد كنت أحاضر أسبوعياً عن مختلف الأوجه لعلم الماكروبيوتيك, حيث كان جورج أوشاوا, وهو أستاذنا من اليابان يزورنا بين حين وآخر ليلقي بدوره بعض المحاضرات.
وفي مساء ذات يوم من فصل الصيف, وبعد المحاضرة مباشرةً, قررنا الذهاب برفقة بعض الرفاق والسيد جورج إشاوا الى مطعم متخصص بالأكل الماكروبيوتيكي, حيث أخرج آحد الأصدقاء قصاصة جريدة من جيبه تتكلم عن أعمال حديثة للعالم الفرنسي لويس كيرفران. وتنص هذه المقالة على قيامه مؤخراً بطرح نظرية تتعلق بالتحول البيولوجي, وإن الصوديوم والبوتاسيوم يتحولان من واحدة الى آخرى تحت ظروف طبيعية معينة.
بالطبع, سر السيد أوشاوا بهذا الإكتشاف, حيث أنه قام بتعليم تلامذته لسنين طويلة بأن القاعدة الأولى في هذه الحياة هي أن كل شيء يتحول باستمرار. وأن رؤيته للعالم المادي ليست راكدة ومطلقة, بل زائلة ومتحولة. لقد قال أيضاً, أن هذا الإكتشاف مهم للغاية بالنسبة للعلوم الحديثة, وخصوصاً في مجال تحول العناصر.
وبعدها بمدة ليست ببعيدة, كان السيد أوشاوا يحاضر في باريس وذكر إكتشاف العالم الفرنسي لويس كيرفران. وقال أن هذا يتطابق مع العلم الماكروبيوتيكي الكوني لطبيعة التحول. وبعد إنتهاء المحاضرة, قام جمع من الناس بإلقاء التحية على السيد أوشاوا, حيث تقدم رجلٌ إليه وصافحه وابتسم, وقال أريد أن أعرفك على نفسي, أنا لويس كيرفران. سر أوشاوا كثيراً بهذا اللقاء, وتواعد الرجلان لإجراء تبادل بالأفكار لاحقاً. وعندما إلتقيا سوياً, أفصح العالم الفرنسي لأوشاوا على أنه لم يكشف بعد كل التفاصيل المتعلقة باكتشافه هذا, وإنه يتعرض لنقدٍ لاذع ومعارضة قوية من المجتمع العلمي. فقام السيد أوشاوا بتشجيعه ونصحه بالتحلي بالصبر وعدم التردد في كتابة كتاب عن هذا الموضوع. وهذا ما فعله العالم الفرنسي لويس كيرفران, حيث كتب كتاباً بعنوان " التحول البيولوجي."
أكتشف كريفران التحول البيولوجي عندما كان يعمل في مشروع إنشاء لصالح الحكومة الفرنسية في الصحاري. فكان كل يوم يراقب ما يأكله عمال المشروع ويحلل برازهم. لقد كانت النتائج محيرة. فمع بعض العناصر, كانت الكميات التي تخرج منها غير متعادلة مع تلك التي إستهلكت. فكان العمال يخرجون المزيد من بعض العناصر التي كانوا يستهلكونها بكميات أقل من غيرها. عندها قرر كيرفران التركيز على عنصرين أساسين - الصوديوم والبوتاسيوم - للدرس والتمحيص.
مما لا شك فيه أن للصوديوم والبوتاسيوم ضرورة في العالم البيولوجي. فمنذ أكثر من 100 سنة تقريباً, قام عالم ياباني أسمه ساغين إشيزوكا باكتشاف أهمية هذه العناصر لجسم الإنسان. لقد إكتشف أن هذين العنصرين يعملان بشكل مكمل لبعضهما البعض ومتنافر في الوقت نفسه, فإذا تم الحفاظ على نسبة معينة بينهما, سوف يبقي الجسم معافياً. وقال أن النسبة المثالية يبن الصوديوم والبوتاسيوم هي تقريباً واحد لخمسة.
 إستعمل العالم إشيزوكا المصطلح "ين ويانغ" ليصف طريقة عمل هذه العناصر. وقال إن الصوديوم يمثل الطاقة الرئيسية للإنكماش "يانغ" في الجسم, بينما البوتاسيوم يمثل الطاقة الإنفلاشية "ين." إستوعب السيد أوشاوا نظرية إشيزوكا ووسعها الى تعليم يشمل الدور الذي تلعبه مختلف الأطعمة على صحة الإنسان. ولقد برهن عن ذلك بجدارة, لإنه إستطاع مساعدة بضعة ألاف من البشر بالشفاء من أمراضهم من خلال إتباع حمية طبيعية ومتوازنة. ومنذ حينها, قمت بتعديلات طفيفة على نظرية السيد أوشاوا بإدخال كافة العناصر التي تحتوي على "الين واليانغ" في الجسم, وعدم الإقتصار فقط على الصوديوم والبوتاسيوم. لقد وجدت أن مجموعة عناصر "الين," الممثلة بالبوتاسيوم, ومجموعة "اليانغ," الممثلة بالصوديوم, يعدلون بعضهم البعض حسب مرونة النسبة التي هي عموماً سبعة لواحد.

وكشف العالم كيرفران أن المختبرات الفرنسية التي كانت موجودة في الصحاري كانت تحصر كميات أقل من الصوديوم, وكميات أكبر من البوتاسيوم مما كان يستهلكه هؤلاء العمال. وبعد إعادة فحص المعلومات, تبين أن الصوديوم كان يتحول الى بوتاسيوم في أجسادهم, تحت عوامل منخفضة نسبياً من الحرارة والضغط والطاقة.
فإذا أنقصنا العدد الذري ووزن الصوديوم من تلك التي في البوتاسيوم, يمكننا معرفة أي من العناصر الآخرى المطلوبة لحصول التحول هذا. وصرح كيرفران عن العوامل التالية التي كانت قد ساهمت في عملية التحول هذه:

1) لقد كان العمال يعملون بجهدٍ عالٍ, لهذا كانوا يبذلون طاقة كبيرة.
2) إن العمل الفيزيائي القاسي سبب بتسريع التغييير الكيميائي والتنفسي في الجسم, ناتجاً عنه مزيداً في مخزون الأوكسجين.  
3) إن العمل الشاق جعلهم يتصببون عرقاً, مما جعلهم يستهلكون حبوب الملح التي تحتوي على مزيدٌ من الصوديوم.
4) إن العمل تحت أشعة الشمس الحارة جعلت حرارة أجسامهم مرتفعة, مما ساعدت في عملية التحول هذه.
     
أراد السيد أوشاوا والدكتور كيرفران إجراء المزيد من التجارب والتحاليل لتلك النظرية, ولكن لم يكن لديهما الخبرات التقنية للتخطيط والقيام بتجربة كهذه. ولكن السيد أوشاوا تذكر أنه عندما كان تلميذاً في جامعة السوربون في باريس كان له صديقاً أسمه نيفين هيناف, والذي أصبح بعدها كيميائياً لامعاً ومشهوراً. وقال أوشاوا أنه سيحاول إيجاده وطلب المساعدة التقنية منه.
وبعد البحث عن الدكتور هيناف لمدة سنة تقريباً, تم العثور عليه, حيث قام السيد أوشاوا بإصطحابه والدكتور كيرفران الى نيويورك, وبدأ هيناف بترجمة كتاب الدكتور كيرفران الى اللغة الإنكليزية, وكانوا يجتمعون بشكل يومي للتنسيق فيما بينهم على كيفية إقامة هذه الأبحاث التقنية. ثم عاد السيد أوشاوا الى اليابان مع هيناف. وأكملا محاولتهما هناك للبدء بتلك الأبحاث, ولكنهما لم يصلا الى شيء. وآخيراً, إضطر هيناف العودة الى فرنسا لأسبابٍ شخصية.
وبعد أن غادر هيناف, بعث السيد أوشاوا برسالة لي قائلاً أنه سوف يقوم فوراً باتباع الحمية المكروبيوتكية رقم 7 (حنطة كاملة) عله يصل الى نتيجة. ولم أعرف حينها إذا كان أوشاوا قام بتنفيذ ذلك أم لا, ولكنني شجعته على ذلك.

وبعد أسبوعين تقريباً, وصلتني رسالة بالبريد المستعجل من جورج أوشاوا تقول, "لقد إكتشفت الطريقة!" وقال, وهو نائم ذات ليلة, راوده حلم. وفي هذا الحلم رأى يداً كبيرةً ممدودةً في ظلمة السماء, وكلما إمتدت, إنطلق وابل من البرق والرعد من أصابع هذه اليد. وبينما كان يحدث ذلك في السماء, كانت هناك عدة عناصر تنمو وتتكون كبدايات للحياة على سطح الأرض. وقال أنه قام بتفسير هذا الحلم بالشكل التالي: إن تدفق التيار الإليكترومغناطيسي – يرمز للبرق والرعد الذي كان منهمراً من السماء – وإنه كان من الضروري حصول هذا لتحفيز العناصر بالتحول من واحدة الى آخرى.


في المختبر   


وفي اليوم التالي, قام أوشاوا بالإتصال بالبرفوسور ماساشيرو توري وعدد من الأصدقاء والعلماء اليابنيين, طالباً منهم المساعدة في إنشاء بعض المعدات البسيطة للقيام ببعض التجارب. وبمساعدتهم, إستطاع أوشاوا التخطيط لتجربة تؤدي الى تحفيز الطوفان اللولبي للتجسد - التوحد, والذي من خلاله يتكون العالم المادي ويصبح كائناً. ففي هذه العملية اللامتناهية, تقوم اللانهاية باستقطاب "ألين واليانغ," والذي ينتج عنهما الطاقة أو الذبذبات, والجزيئيات للذرات ما قبل الذرية كالبروتون والإليكترون والعناصر والنباتات, وأخيراً الحياة الحيوانية, ومن ضمنها الإنسان. (لقد ذكر سفر التكوين هذه العملية الكونية, والتي حددت بسبعة أيام فقط.) إعتقد السيد أوشاوا أننا كي نتمكن من خلق بعض العناصر, سوف يلزمنا إستنساخ عدة مراحل من أولى مراحل هذه العملية.
وقام الفريق الياباني الذي يقوده جورج أوشاوا باستعمال نفق خاوٍ لتحفيز اللانهاية, أو اللامادة, وتم وصل أطرافه بقطبين مشحونين, الأول إيجابي, والآخر سلبي لتحفيز "الين واليانغ." وتم صنع هذين القطبين من النحاس والحديد. وعند بداية الإختبار, يصار بشحن القطبين بالتيار الكهربائي لتحفيز عالم الذبذبات أو الطاقة. تم يعبأ النفق الخاوي بالصوديوم مع السماح للهواء (أوكسيجين) بالدخول عبر صمام هوائي  في الوقت المناسب. ووضعوا منظاراً للتحليل الطيفي الموشور وشاشة أمامها لمراقبة الإختبار. وقرروا تنفيذ هذه المهمة في الصباح التالي.
وفي تلك الليلة إشتد فضول البروفوسور الذي يجري تنفيذ هذا الإختبار في مختبره, ففقد صبره ولم يعد يستطع الإنتظار حتى لبضعة ساعات. فتوجه ليلاً الى المختبر وبدأ القيام بهذا الإختبار بمفرده. فوصل التيار الكهربائي بالصوديوم الى أكثر من عشرين دقيقة, الى أن سخنت وتمددت, ثم ظهر طوق برتقالي صاف اللون على الشاشة. ثم قام بإدخال الأوكسيجين عبر الصمام الهوائي الى النفق, حيث تحولت الشاشة الى اللون الأسود, وفي أقل من ثانية, ظهر طوق من اللون الأزرق الصاف على الشاشة (لون البوتوسيوم.)
فقام البروفسور بالإتصال تلفونياً بالسيد أوشاوا. وبعدها بقليل, تم حضور الفريق بأجمعه الى المختبر, حيث قاموا بإعادة التجربة مجدداً – ومجدداً, فإختفى الطوق البرتقالي اللون , وحل محله اللون الأزرق بلحظات قليلة. وللتأكد من النتائج, أجري تحليلاً شاملاً على العنصر الجديد هذا, وتأكدوا أنه البوتاسيوم, ولم يعد هناك أثراً للصوديوم. لقد تمت تلك التجربة في 21 حزيران,1964.



حلم الكيميائيين

         
في الشرق, هناك قصص قديمة تتكلم عن شعب يسمى السين-نين. وكما قلت سابقاً في الفصل الثاني, إن السين-نين كانوا يعيشون في الجبال, حيث كان شغلهم الشاغل تطوير مفاهيمهم الكونية ووعيهم للصحة وطول العمر الفيزيائي والعقلي, والحرية الروحية. ربما رأيتم بعض الصور لرجال كبار وحكماء بلحاهم الطويلة وعيونهم الثاقبة, ووجوهم المضيئة.
تقول هذه القصص أن هؤلاء الرجال صنعوا ذهباً. وكان لمدرستهم الحياتية أربعة مراحل:

1) أن يكون معلماً على نفسه.
2) العمر الطويل والصحة الجيدة, " أي 100, 200, 300 سنة, وليس فقط 70 أو 80 عاماً كما هي الحال في هذه الأيام."
3)  تعليم وتوجيه الآخرين.
4) الفنون الكيميائية.

ويقال, أنهم عندما كانوا يصبحون قادرين على إكتشاف طريقة صنع الذهب, فإنهم بذلك يكونون قد أنهوا تعلمهم وتخرجوا.
بالطبع لم يكن هناك أية مدارس أو جامعات لتعلم هذه الأمور. فالجبال بحد ذاتها كانت المدرسة والجامعة والمختبر. لقد عاشوا السين-نين لمدة طويلة في الجبال, يأكلون حبوب الحنطة السوداء البرية, قشور الشجر, والأعشاب البرية, ويتأملون, ويتريضون, ويتعرفون تدريجياً على كل مرحلةٍ بمرحلتها كي يصبحون معلمون حقيقيون على أنفسهم.

يقال أنهم صنعوا الذهب من الزئبق. فإن الذهب له وزن ذري 197, والزئبق الذي يأتي مباشرةً من بعده  في البرنامج الكيميائي, وزنه الذري 200. فكيف عرف شعب السين-نين أن هذه المادة الطرية والصفراء اللون, وهذه المادة الفضية اللون والتي هي نصف سائلة ونصف صلبة, هما مادتان متتاليتان وقريبتان لبعضهما البعض في البرنامج الكيميائي؟
من البديهي أن الطريقة القديمة المتبعة من قبل السين-نين كانت مختلفة من تلك التي نستعملها نحن اليوم في إختباراتنا. إن طريقتنا تعتمد على مزج عنصرين خفيفين لإنتاج عنصرٍ ثقيل. أما طريقتهم فكانت تعتمد على إنقاص عنصر ما من الزئبق لإنتاج الذهب. فإذا نظرنا الى البرنامج الكيميائي, لرأينا أنه يمكننا صنع الذهب بإنقاص ذرة من الهيدروجين3 من الزئبق.
لقد قال لي السيد أوشاوا أنه علينا إكتشاف سر هذه الصيغة الإنقاصية إذا أردنا صنع الذهب. "وبعدها بوقت قليل توفى السيد جورج أوشاوا."


التحول الإجتماعي
  

عندما كان السين- نين يعملون جاهدين لمعرفة وحل مشكلة ما, لم يتوقفوا  ولم يتشبثوا بأي حل. حتى أنهم كانوا يمتنعون عن الإفصاح أو الكتابة عما قد وصلوا إليه, لدرجة أنهم كانوا يفضلون نسيان الأمر بالكامل, لأنهم طالما إعتبروا أن هذه الأمور تحفز معرفتهم لمزيد من العلم والتطور الذي يعطيهم التفوق الذاتي على العالم المادي.

أما في زمننا هذا, فإننا نواجه أزمات بيئية وعالمية تهدد مستقبل كوكبنا هذا, كالإحتباس الحراري وإستنزاف طبقة الأوزون, والتلوث الأرضي والمائي والهوائي بالمواد السامة, وغيرها من المشاكل التي ستواجهنا مع دخولنا الألفية الثالثة.
كما سبق وتكلمنا عن إكتشاف المحرك البخاري, فإن معظم التقنيات الحديثة هادرة للطاقات وغير فعالة بالكامل. فإنها عملياً تستنزف الكثير من مواردنا الطبيعية المحدودة وتلوث البيئة, مما سيؤدي بنا يوماً ما للوصول الى إفلاس عام في رزقنا ومواردنا الطبيعية. نعم, هذا ما نحن بصدده الآن نتيجةً لهذه الحضارة الحديثة التي قمنا بإبتداعها مؤخراً.

إن التحول الذري, أو التحول الكيميائي العصري سوف يساعدنا لتطوير تقنيات هي حقاً مساندة ومؤازرة بحد ذاتها. فبواستطها نستطيع عملياً صناعة وتأمين عدد غير محدد من المواد. إذ يمكننا إنتاج الحديد والذهب والنحاس والمعادن الآخرى بكلفة أقل ومن العناصر المتوافرة بشكل كبير كالهواء والماء والتربة, هكذا يمكننا الإزدهار بدون إستنفاذ إحتياطات كوكبنا هذا وتلويث بيئتنا.
كلما إكتشفنا طرقاً لصناعة البولاد والمعادن الآخرى الأساسية من العناصر الخفيفة كالهواء والماء والتربة كما فعل السين-نين, يمكننا عندها التقدم الى مراتب أكثر علواً. لأن كل العناصر تأتي من عالم التموجات أو الذبذبات, مما يمكننا من إنتاجها أيضاً من الطاقة مباشرةً.

فإذا وصلنا الى هذه المرتبة من التطور, تكون الإنسانية قد وصلت الى حضارة ورقي روحي حقاً عالٍ. ففي هكذا زمن, لن يكون عندنا حلولاً لكل مشاكلنا البيئية وحسب, بل سيكون بإمكاننا السيطرة على العالم المادي والتحكم به  كما نحلم ونريد.

ليست هناك تعليقات: